في هذا المقال أود الحديث عن موضوع إنساني. حين حصلت على المزرعة، كان تفكيري منحصرا بأني قد حققت حلما قديما لدي، وهو الخروج من ازدحام وازعاج وضغط المدينة، وزرع طعامي بنفسي، وقد كنت فرحة جدا بتحقيق هذا الحلم. ولكن في الحقيقة حين بدأت التجربة اكتشفت كم أنا سعيدة بأمر آخر، فأنا ممتنة لهذه التجربة التي جعلتني أذهب لأماكن كان من المستحيل الذهاب إليها لو لم أكن قد بدأت. فقد قابلت أشخاصا كان من المستحيل مقابلتهم، وتعلمت دروسا وخبرات تحتاج إلى سنين طويلة حتى يمر بها الإنسان قد تعلمتها في أيام وشهور قليلة.
قابلت أشخاصا من محافظات كثيرة؛ من المنصورة والفيوم حتى قنا والصعيد. أسمع لهجات جديدة لم أسمعها قبلا سوى في التلفاز، وأسمع من كل شخص حكاية، وأمر مشهور في بلده أو قريته، فأستطيع أن أرى جانب النور وجانب الظلمة في كل شخص بوضوح لأنه ببساطة لا تربطني بأي شخص منهم أي علاقة شخصية، ولكن تربطني بهم الإنسانية، وقد تكون الجنسية. وعلى قدر ما نحن مصريون، ولكننا مختلفين في تفاصيل كثيرة. ومثلما رأيت أناسا طيبين، رأيت أيضا أشخاصا سيئين، لكن على الرغم من جميع الصعوبات والمطبات إلا أني ما زلت سعيدة جدا والحمد لله، لأني اكتشفت أن السعادة ليست في رؤية المزرعة على ذات الصورة في مخيلتي، فالسعادة تكمن في كل يوم نعيشه، وكل تجربة جديدة، وكل تحد أستطيع تخطيه والتعلم منه أمرا جديدا، وآخذ منه خبرة جديدة، وأن أشارك معكم كل ذلك.
وكما يقولون... الكنز في الرحلة.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
فأحاول تخيل حياتي لو كنت قد خفت وحسبتها ألف مرة وتراجعت عن قرار تغيير حياتي وبقيت في القاهرة، فأشعر أنه أكثر سيناريو لم يكن مناسبا لي.
وفعليا أنا مؤمنة أن منطقة الراحة (comfort zone) هي أكثر مكان غير مناسب لنا. وإن اكثر مكان نحن مرتاحون فيه ومعتادون عليه وأكثر مكان خال من التحديات هو أكثر مكان مؤذ لنا، لأنه من الممكن أن يضيع عمرنا كله ونحن مرتاحون في منطقة الراحة.
وليس معنى ذلك أنه على كل واحد فينا أن يذهب إلى الصحراء ليستصلحها ويقيم مزرعة، فذلك جنون، أو عين العقل... لا أعلم... ولكن القصد أن لا تخافوا من التغيير، فالأصل في حياتنا التغيير، فكل يوم نحن أناس جدد، حتى خلايا أجسادنا تتغير وتعدل وتصلح من نفسها كل يوم، لذا فليس من الذكاء أن نبقى ثابتين على ذات الأفكار، ونبقى في ذات المكان طوال العمر، فالحياة فيها الكثير لنعيشه خارج الجدران، فلا تخافوا.