logo

تسجيل الدخول

اشتراك جديد
البحث
البحث
سيكولوجية المرض
بقلم : ندى حرفوش
blog-img
لا يمكن التعافي من المرض مهما اتبعت من أنواع العلاج إلا حينما يتعافى العقل. لذا سلطت ندى حرفوش الضوء على طرق العلاج من الصدمات للشفاء من الأمراض المستعصية.

 

 

قد يبدو الحديث هذا اليوم أنه ليس علميا، ولكنه حقيقيا. كنت قد تحدثت إليكم كثيرا عن مسببات الأمراض الجسدية، فدعونا نتحدث قليلا عن أسباب أخرى قد تكون هي السبب في إصابتنا بأخطر الأمراض، ولكن لم يحدثنا عنها أحد سابقا.

إن الأسباب تأتِ من عقولنا. تخيلوا أن عقولنا هي أهم وأعقد آلة نمتلكها، تخدمنا، ومن الممكن أن تتسبب في إمراضنا، بل وتقف أيضا في طريق أي وسيلة للعلاج، لدرجة أن نجرب كل شيء وكل طريقة ولا نحصل الشفاء، ليس لأن كل هذه الطرق فاشلة، ولكن لأن المشكلة آتية من العقل. فكيف من الممكن أن تتسبب عقولنا في إمراضنا إلى الأبد؟ وكيف من الممكن أن تقوم بعلاجنا أيضا؟

 

يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،

لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية 

 

 

هل تعرفون أن العقل الواعي الذي نفكر فيه ونستخدمه في التفكير المنطقي لا يمثل إلا جزءا بسيطا جدا من العقل، فالعقل الباطن هو المتحكم الأكبر في أفكارنا وتصرفاتنا واختياراتنا، ونستطيع القول أيضا أن الشيء الذي يقتنع فيه العقل الباطن ويصدقه، وتصدقه كل خلية في أجسادنا وتنفذه، وكل ذلك يحدث دون وعي منا تقريبا.

 

العقل الواعي

 

أعتقد أننا رأينا جميعنا هذه القصة بشكل أو بآخر؛ شخص متعب، يعيش في المشاكل والآلام منذ مدة، ذهب للكشف ليعلم مشكلته، فيتم تشخيصه بمشكلة ترافقها كلمة (مزمنة)، فخرج من العيادة وهو مقتنع بأنه مريض بمرض لا يمكن علاجه، وبدلا من العيش ببضعة آلام، توقفت حياته، وصحته تدهورت بشكل سريع، وزادت الأمراض، كما قد تنتهي حياة البعض بعد فترة. لماذا كل ذلك؟ لأن العقل الباطن قد اقتنع بأنه لن يشفى إلى الأبد، فعمل الجسم على تنفيذ ما كان العقل مقتنعا به ومصدقه.

 

خطوات التعافي:

بعض الأشخاص قد يجربون كل شيء؛ من التزام بنظام غذائي صحي، والحصول على أفضل وأغلى المكملات الغذائية، والالتزام بالصيام والتمارين الرياضية، ولكنهم في داخلهم مقتنعون أن مرضهم ليس له علاج، وذلك سيؤدي إلى عدم شفائهم. لذا على هؤلاء الأشخاص العمل على فكرة التعافي في عقولهم قبل العمل على التعافي جسديا، لأن الجسد لن يصدق الذي لم يصدقه العقل.

 

خطوات التعافي

 

وكما قلنا سابقا؛ إن الصدمات النفسية من أهم مسببات الإصابة بالأمراض المناعية والأمراض التي يقال عليها مزمنة، لأن الصدمات تزيد من التوتر والضغوط. فالصدمة هي تعرض الشخص لظرف أقوى وأكبر من قدرته على التحمل أو الاستيعاب، فيشعر العقل في هذه اللحظات أن عليه عبء كبير جدا حتى يستطيع الحفاظ على توازن وحياة الإنسان. وهي مهمة صعبة وشاقة جدا على المخ. في هذه اللحظات ستصل إشارات الخطر إلى الجسم، وأن الموقف كبير، فتبدأ خلايا الجسم بالاستجابة، وتدخل في عملية تدمير ذاتي بطيئة، من الممكن أن تظهر في صورة التهاب مستمر، أو أكسدة، أو موت الخلايا بوتيرة أسرع من تجددها.

 

Psychological trauma الصدمات النفسية

 

كما أن المخ يشعر أحيانا أن المرض هو وسيلة للنجاة والحصول على التعاطف والاهتمام، فيستجيب الجسد ويقع في المرض. وقد تعلم ذلك في فترة الطفولة، حين كان الشخص يحصل على أكبر قدر من الرعاية والاهتمام من الأهل حين يقع في المرض، وذلك لأن العقل الباطن لا ينسى أبدا، بل يسجل جميع المواقف، حتى لو لم يكن لدى الشخص القدرة على استرجاع جميع الذكريات بشكل واع لأنها تافهة أو قديمة جدا، ولكن العقل الباطن من المستحيل أن ينسى. لذلك، حين نشعر بالإهمال أو الحاجة للاهتمام، أو بأن من حولنا لا يحبونا أو يقدمون لنا مشاعر كافية، فالعقل الباطن يستطيع استدعاء مواقف قديمة حصلنا فيها على ذات المشاعر قبلا بطريقة سهلة دون أن نطلبها، وغالبا لا يجد العقل الباطن سوى فترات المرض، فتصل إشارات للجسم أنه هذا ما نحتاجه ونريده في هذا الوقت، فيمرض الجسم منفذا أوامر العقل الباطن، لأن العقل الباطن يرى أن الألم الناتج عن المرض أخف وأهون من الألم الناتج عن الإهمال والتجاهل والألم النفسي. 

 

Childhood traumas صدمات الطفولة

 

وفي بعض الأحيان، يمتلك الشخص أفكارا عميقة جدا ودفينة بأنه لا يريد العيش، وأن الحياة صعبة وعديمة الجدوى، وأنه لا يريد العيش والاستمرار فيها. وهناك أشخاص تتملكهم مشاعر العار، بأنهم لا يستحقون الحياة بينما يعيشون حياة جيدة، غالبا لأن هناك شخصا ما أقنعهم بأنهم غير جيدين بشكل كاف، وغالبا ما يكون هذا الشخص قريب جدا، لذلك يكون رأيه مهما فيصدقونه. وإن العار هو أدنى نوع من المشاعر من الممكن أن يشعر به الإنسان، وهو أصعب من اليأس والفشل والخوف، فلو كنت تشعر بالعار، وأنك خجل من نفسك وغير كاف، فأمامك مشوار طويل جدا لتمشي فيه حتى تصل لمرحلة الشعور باليأس.

بعض الأشخاص شعورهم بالعار عميق لدرجة من الممكن أن تتسبب في مرضهم، لأن الجسم يصدق أنه سيء وغير جيد وغير كاف، وأنه لا يستحق نعمة الصحة فيمرض.

 

	Feeling ashamed الشعور بالعار

 

أخبرتني امرأة ذات مرة أنها كانت تتابع مع طبيبة، هذه الطبيبة جربت معها جميع أنواع الأدوية، ولم تكن ذات فائدة لها مهما غيرت الأنواع أو زادت الجرعات، فقالت للطبيبة أنها تعتقد أن هناك أمر خاطئ، وأنه من المؤكد وجود طريقة أخرى تساعدها، فقالت لها الطبيبة: "أنا كدة معنديش حاجة تانية أعملهالك.. أعملك إيه؟ العيب في جسمك.. جسمك اللي مش بيستجيب للعلاج!"

لا أعلم كيف لشخص أن يكون متحجر المشاعر لهذه الدرجة ليصل مرحلة يقول فيها هكذا جملة لشخص مريض! ولم يحسب حسابا لم سيشعر المريض به حين يسمع هذا الكلام! هل من الممكن أن يتعافى المريض يوما؟ أم أنه سيصدق أن العيب فيه هو وأن جسده سيء ولن يستجيب ولا فائدة ترجى منه؟ فبدلا من معاناة المريض من مرض واحد، فيقع في أكثر من مرض... لأنه مقتنع بأن العيب في جسده.

هناك أشخاص يحتقرون أجسادهم بسبب تعرضهم لصدمات نفسية مرتبطة بالجسم، مثل الضرب والتعنيف والتنمر والتحرش والاغتصاب. فبدلا من لوم المجرم يلومون أنفسهم، لأنهم لم يكونوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم، وأن الجسم هو من تسبب بالألم، وأنه بالتأكيد يستحق ذلك وإلا لم يكن سيحدث له ما حدث، وأنه عليه إخفاء جسده والانطواء والابتعاد عن الناس لحمايته، وأن الأشخاص الذين يمرون بهذه التجارب ولم يساعدهم أحد أو أنهم لم يستطيعوا مساعدة أنفسهم على علاج الصدمة والتخلص منها، فيمرضون ويصابون بأمراض مناعية وسرطانات وغير ذلك.

 

Childhood traumas صدمات الطفولة

 

أعلم أن هذا الكلام قد يقلب المواجع ويفتح الجروح لدى أشخاص كثر، ولكني أعلم أيضا أنهم لم يسمعوا هذا الكلام سابقا في أي مكان آخر، كما أشعر جيدا بكل كلمة أقولها، لأنه ليس كلام كتب أو أبحاث، فقد مررت بأمور كثيرة مما مررتم به، أو من الممكن أنكم ما زلتم تمرون به دون أن تفهموه. وإني دائمة الحديث عن هذه الموضوعات علّ ذلك يساعد أي شخص على تخطي الأمر بشكل أسرع، أو إيجاد طريقة يساعد فيها نفسه، أو ينتبه لأمر لم يكن مدركا مدى خطورته.

وقبل أن تفكروا في علاج أي مرض بأي طريقة تختاروها، ابدأوا بالعمل على أفكاركم، حيث يجب أن تكونوا متأكدين ومقتنعين بجميع جوارحكم أنه لا يوجد مرض ليس له سبب، ولا يوجد مرض ليس له علاج، ولكن نحن من لم نكن نعرف السبب، وأن هناك العديد من العلاجات لو فهمنا الأمر والسبب.

فلو كنت مريضا، فالعلاج يبدأ من داخلك، وليس من حبة الدواء التي تكون مقام السمّ لجسدك وقالوا لك بأنها علاج لمرضك الذي ليس له علاج. ولو كنتَ تشعر بالإهمال وأنك تحتاج الاهتمام والرعاية ممن حولك، فتعلم أن تملأ فراغ روحك بممارسة أمور تحبها، وأنك إن لم تحب نفسك، فلن تكفيكَ محبة العالم كله، ومن يعطيك شيئا اليوم قد يقطعه عنك غدا، فلا تجعل إحساسك بالاكتفاء والأهمية لعبة بيد أي شخص. فمحبة الناس الذين نحبهم واهتمامهم غالية ومهمة وعظيمة، وجميعنا محتاجون للدعم والمساندة والاهتمام، ولكن إن لم يحبك أحد فأنت تحب نفسك وهذا كاف لك.

وإن كان في داخلك إحساس بالعار، وأنك لست جيدا بشكل كاف، فيجب عليك أن تبحث عن جذر المشكلة من أين أتى، ومن أقنعك به، ولماذا قد صدقته؟ فلو بحثت ستجد لنفسك مئات الأسباب لتتأكد بأنك أكثر من كافٍ، وإن لم يكن هناك سبب.. اخلقه.

ولو تعرضت لصدمة مرتبطة بجسدك أخرجها وافتحها وواجهها بشجاعة وانهِ الأمر بدلا من تجاهلك الأمر طوال حياتك. ولو وجدت حولك من يعرض عليك المساعدة ويستطيع أن يدعمك، فاقبل المساعدة، فكما أن هناك أشخاص يدخلون حياتنا ليعلمونا الدروس بالطريقة الصعبة، فهناك أشخاص يأتون لتقديم الحب والمساندة، هكذا هي الحياة، ليس أبيضا وأسودا، بل هي عبارة عن ألوان.

 

الشفاء من الصدمة

 

تذكروا دائما أن الحياة ليست أبدية أو مضمونة، فلا أحد يستطيع ضمان العيش إلى الغد، فلا تفوّتوا الفرصة بسبب بضعة أفكار مسمومة أو تجربة سيئة مررتم بها، فالحياة مستمرة، وما كسر من الممكن إصلاحه. عقولنا ذكية جدا، وأجسادنا ذكية ومرنة، وكما تستطيع أن تمرض نفسها فهي قادرة على إصلاح ومعالجة نفسها، ولكن يجب أن يحدث كل ذلك بتناغم وتوافق بين الجسم والعقل. فلو أصلحنا أفكارنا سنستطيع إصلاح أجسادنا بسهولة، ولكن طالما كانت الأفكار خاطئة، فليس من الممكن أن يتغير أي شيء مهما فعلنا.

 

للمزيد عن الصدمات، عودوا إلى حلقة صدمات الطفولة من هنا.

 

 

الأمراض المناعية
الأمراض المزمنة
مسببات الأمراض
العقل الباطن
مزمنة
المكملات الغذائية
الصيام المتقطع
صدمات نفسية
التوتر
الضغوط النفسية
صيام متقطع
نظام غذائي صحي
التعافي في العقل
التمارين الرياضية
التهاب مستمر
أكسدة
نقترح عليك
ذات صلة