logo

تسجيل الدخول

اشتراك جديد
البحث
البحث
هل تعاني من التسويف والسلبية وجلد الذات وقلة الثقة والخوف من الفشل؟ كيف تتخلص منهم؟
بقلم : ندى حرفوش
blog-img
إن تكرار الأنماط السلوكية السلبية التي يقوم بها الشخص بوعي أو بغير وعي هي سلوكيات تدمير ذاتي ينتج عنها نتائج سلبية تؤثر على حياة الشخص، لذا يجب التخلص منها من خلال التفكير الواعي ومواجهة النفس، وخطوات أخرى تناقشها ندى حرفوش في هذا المقال.

احمِ نفسك من سلوكيات التدمير الذاتي

(self-sabotaging behavior)

self-sabotaging behavior


كم من مرة أجلت دراسة امتحانك لآخر لحظة؟ وكم من مرة كسرت الحمية الغذائية وجلست تأكل بعشوائية دون حتى الإحساس بالجوع؟ وكم من مرة كان لديك موعد مهم في الصباح، ومع ذلك سهرت الليل تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي حتى بعد الفجر لتتأخر عن الموعد أو لم تستطع الذهاب إليه؟ وكم من مرة افتعلت المشاكل مع شخص مهم بالنسبة لك؛ سواء كان صديقك أو زوجتك أو خطيبتك دون سبب واضح؟ وكم من مرة حققت هدفا كنت تنتظره منذ زمن بعيد، وحين تحقق شعرت أنك غير سعيد؟ أو أنك حصلت على وظيفة كنت تتمناها، لتستقيل وتتركها بعد فترة بسيطة دون أن تعلم السبب؟

لو تكررت هذه الأنماط السلوكية معك فأنت لست وحدك، فغالبية البشر يعانون من مشكلة سلوكيات التدمير الذاتي (self-sabotaging behavior). 

يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،

لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية 

سلوكيات التدمير الذاتي

هي سلوكيات يقوم بها الشخص أحيانا بوعي أو دون وعي، لينتج عنها نتائج سلبية تؤثر على حياته وتحقيق أي إنجاز أو تقدم. وفي الحقيقة إن هذه السلوكيات كثيرة جدا، وبشكل شامل هي أي فعل يؤثر على حياتنا بشكل سلبي.

ما هي سلوكيات التدمير الذاتي؟

إن السلوكيات الواضحة والمتكررة جدا لدى غالبية الناس هي:

1-   التأجيل (procrastinating):

إن سلوك التأجيل مرعب وبشع ومرهق جدا. وأنا أحد الأشخاص الذين عانوا كثيرا من هذا العَرَض. فأنا أعتبر نفسي أكثر شخص يستطيع دماغه خلق الحجج والأعذار والعراقيل الوهمية لأبرر لنفسي التأجيل. ولكن ولله الحمد قد استطعت التخلص من هذا السلوك.

مماطلة

2-   التراجع عن تنفيذ أي خطة إيجابية دون سبب:

على سبيل المثال قررت أن تتبع حمية غذائية والبدء بالتمارين الرياضية، لتعود بعد أسبوع لتناول الطعام أكثر من السابق، وتترك التمرين بعدما دفعت اشتراك سنة كاملة في الجيم من كثرة الحماس الذي كنت فيه.

3-   الانعزال الاجتماعي:

لا تود الرد على الهاتف أو الرسائل، ولا تخرج لمقابلة أحد، وذلك دون سبب، فقط ليس لديك رغبة في التواصل.

انعزال اجتماعي

4-   تطوير سلوكيات إدمانية أو سلوكيات خطيرة:

مثل إدمان تصفح مواقع التواصل، فلا تستطيع الجلوس دون فعل ذلك، وحتى إدمان الطعام وإدمان المخدرات والكحول.

5-   نقد وجلد الذات على أتفه سبب، ومقارنة النفس بالآخرين:

مثل الحصول على علامة 9/10 في الامتحان، فتنتقد ذاتك بأنك فاشل قد أضعت علامة دون سبب، ثم تقارن علامتك بعلامة صديقك الذي حصل على علامة 10/10، حتى تصل إلى مرحلة تشعر بها بأنك غير جيد بشكل كاف.

مقارنة النفس بالآخرين

6-   البحث عن المصادقة (seeking validation):

ويكون ذلك بالبحث الدائم عن الإحساس بقبول الآخرين لك ورؤيتهم لك بشكل جيد ورضاهم عنك، وهذا يدعوك لعمل أمور لا تحبها ولا تشبهك. مثلا، أصدقاؤك يريدون الذهاب إلى حفل دار الأوبرا، وأنت لا تحب الأوبرا ولا تفهمها، ولكنك تذهب معهم ليشعروا بأن شبيه بهم فيحبونك.

seeking validation from others

7-   السعي لافتعال المشاكل دون سبب خاصة مع الناس المقربين منك.

افتعال مشاكل


هنا يجد أي شخص يقرأ المقال أنه قد أصبح قادرا على معرفة ماهية سلوكيات التدمير الذاتي التي يوم بها باستمرار، حتى لو كانت أمورا لم يتم ذكرها، فالإنسان يستطيع التفنن في إيذاء نفسه في كثير من الأوقات.

 

لماذا نفعل هذه السلوكيات؟ وهل نعي أننا نؤذي أنفسنا أم لا؟

إن سلوكيات التدمير الذاتي تحصل أحيانا بوعي، حيث نعي أننا نقوم بعمل شيء مؤذٍ لأنفسنا، مثل تناول طعام خاطئ دون أن نشعر بالجوع، ولكننا غير قادرين على مقاومة السلوك. بينما تحصل أحيانا دون وعي منا، مثل افتعال مشكلة مع شخص نحبه وهو مهم لنا دون سبب ودون أن نعلم لماذا نقوم بذلك.

أسباب سلوكيات التدمير الذاتي:

- التعرض للصدمات، وتدني الاحترام للذات (low self-esteem):

احترام الذات متدني

فانخفاض تقدير الذات، وقلة الثقة بالنفس، والتعرض المستمر للضغوط، والخوف من الفشل أو الإحراج، أو اضطراب الصورة الذاتية.... هو كلام صعب الفهم، وغير واضح حتى نعلم حله.

بمعنى آخر؛ لقد تعرضنا جميعنا لأحداث سيئة ولصدمات في حياتنا سواء في الطفولة أو حين كبرنا. فأي شخص يتعرض لصدمة فإنه يتعرض لخلل في مفاهيم كثيرة، منها مفهوم تقدير الذات. فلو كنت تعاني من صدمة لم تعالجها، فغالبا ما يكون تقديرك لذاتك منخفض بسبب الشعور بعدم القدرة على حماية النفس، أو الإحساس بالفشل وأنك تستحق ما حصل. وبالتالي تجد لديك القناعة أنك لن تستطيع تحقيق هدفك مهما فعلت، لأنك بالأصل إنسان فاشل. تخيل لو أن صورتك الذاتية عن نفسك أنك إنسان فاشل، فهل سيبقى لديك الرغبة في القيام ببذل أي مجهود لتحقيق أي هدف؟ مستحيل ذلك.

فدماغ الإنسان متطور جدا، حيث طور آلية لقيام مستوى الطاقة أو الجهد المبذول مع المكافأة التي سيحصل عليها بعد بذل هذا الجهد. وبالتالي يتجنب بذل أي جهد لا يكون فيه مكافأة توازي جهده. فتخيل أن دماغك مقتنع أنك فاشل وسمين ولن تستطيع فقدان الوزن أو أن يصبح شكل جسدك جيدا، فما الذي سيجعلك تريد الذهاب إلى النادي الرياضي وبذل الجهد والطاقة وأنت بالأصل لن تصل إلى شيء!

هذا الأمر سيولد لديك أفكارا تجعلك تتجنب بذل هذا الجهد. ثم تجد نفسك تقول لنفسك أنك لن تذهب إلى النادي هذا اليوم، فأنت ضعيف أمام الطعام، ولا تملك الإرادة، وأنك سمين ولن تتغير أبدا. ولكن تكمن المشكلة الحقيقية في دوران كل هذه الأفكار في دماغك دون وعي منك عما تفعله بالضبط، ولا تعلم لماذا تفكر بهذه الطريقة. ونحن للأسف لا ننتبه في أغلب الأوقات إلى أفكارنا.  

- جلد الذات الدائم حتى على أتفه الأمور دون وعي من الشخص يجعل الشخص تحت ضغط رهيب يجعله يقوم بـ:

جلد الذات

- القيام بسلوكيات إدمانية:

فهو يريد لكل شيء أن يكون ممتازا وكاملا حتى لا يؤنب نفسه، ولا يتعرض لنقد الآخرين له. هذا الضغط يجعله يريد الهرب، فيؤجل فعل الأمور أو يقوم بسلوكيات غير واعية أو سلوكيات إدمانية، مثل الأكل العشوائي (binge eating)، أو إدمان مواقع التواصل، أو إدمان المخدرات.. كلها سلوكيات للهرب من الواقع، فتجد الشخص لا يستطيع الجلوس مع نفسه دون الإمساك بالهاتف حتى يجد الإلهاء عما يدور في خلده وأفكاره من كوارث وأفكار سلبية ونقد وتأنيب.


سلوكيات إدمانية

- البدء بالتأجيل:

وهو أكثر الأمور المتكررة في سلوكيات التدمير الذاتي، لأنه فعل كل شيء بشكل تام وممتاز حتى لا يؤنبه ضميره، وحتى لا ينتقده أحد. فيرى أي مهمة عبارة عن أمر كبير وضخم وأكبر منه ومن قدراته، ولا يعلم من أين تبدأ المهمة ولا أين أو كيف تنتهي، فيبدأ التأجيل المتكرر، مما يؤدي إلى إحداث ضغط يولد التأنيب، وهكذا يدور في دائمة مفرغة من التدمير الذاتي.

تأجيل


هنا يبدأ الشخص بالشعور بأن حياته كلها فوضى وخارجة عن نطاق السيطرة، وأنه غير قادر على إنجاز أي شيء في حياته، فيبدأ بفكرة سلبية غير واعية، لينتج عنها سلوك سلبي أدى إلى نتيجة سلبية. فالسلوك السلبي يكون نتيجة ظهور نتائج سلبية نتدحرج فيها حتى نقع في حفرة الاكتئاب.

- اختلاق المشاكل مع الأشخاص المقربين:

سواء كان الزوج/ة أو الأبناء أو الأصدقاء أو الشريك، ليجد نفسه يختلق مشكلة من لا شيء، أو افتعال مشاكل على أمور تافهة لا تستحق. وإنه يتصرف بهذه الطريقة رغم إيذائه لنفسه قبل إيذاء الآخرين لأن افتعال المشاكل هي منطقة راحته (comfort zone)، وهذا لا يعني الارتياح بالمشاكل والصراعات، بل هي الأشياء التي اعتاد دماغه عليها، فاعتاد وجودها وتكرارها بشكل مستمر في حياته، فتتكون لديه رغبة في البقاء في الظروف التي اعتادها حتى لو كانت مؤذية. وقد نشأ أغلب الأشخاص ذوي سلوكيات التدمير الذاتي في بيئات غير مستقرة، الأمر الذي يعتبر أهم أسباب تطوير هذا النوع من السلوك.

- الخوف من الفشل:

أيضا يعتبر أحد سلوكيات التدمير الذاتي، لأن الخوف من الفشل في حد ذاته ليس هو المشكلة لأن الناس كلها تفشل في أمر ما، ومن الممكن أن يكون الشخص غير خاسر على أرض الواقع في حال جرب شيئا وفشل، ولكن الشخص الذي يعاني من تدني احترام الذات (low self-esteem) أو لديه مشاكل في صورته الذاتية يخاف من الفشل لأنه يخاف الإحراج أو الظهور بمظهر الفاشل أمام الناس، فهو يشعر في داخله أنه قليل الشأن، ولا يريد تأكيد فشله أمام الآخرين. لذا يفضل البقاء في قوقعته على النجاح والطموح وتحقيق الأهداف. وكم من شخص موهوب وذكي أضاعوا ذلك بسبب خوفهم من الفشل والإحراج والشعور بالعار.


افتعال مشاكل مع المقربين

أيضا هناك أشخاص يقومون بسلوكيات التدمير الذاتي وهم يعوا بأنهم يؤذون أنفسهم كنوع من العقاب

ذلك من كثرة ما يملكون من شعور بالعار وعدم الاستحقاق. فمثلا لو كان الشخص ذو وزن زائد وقام بعمل حمية بهدف فقدان الوزن وهو مقتنع من داخله بأنه لن يفقد الوزن أبدا وأنه سيبقى كذلك طوال عمره ولا فائدة من فعل أي شيء، فسيفشل في النهاية.  ويبدأ بتأنيب نفسه، فيتولد داخله شعور بالعار من نفسه لأنه فاشل وضعيف، ثم يبدأ بتناول الطعام بشراهة كنوع من العقاب، وهو مدرك أن هذا السلوك نتيجته زيادة الوزن أكثر، وإيذاء الصحة أكثر، ولكنه يرى أنه يستحق هذه النتيجة. وهذا سلوك منتشر جدا مع الأسف، فنشعر بأننا نعيش في دائرة مفرغة لا خروج منها، ولا نعرف كيف نوقف هذه السلوكيات.

أعتقد أننا جميعا قمنا بواحدة أو أكثر من هذه السلوكيات، سواء كان مرة أو مرات كثيرة في حياتنا، وأغلب الأشخاص لو ركزوا في التفاصيل سيجدون أن الموضوع يتكرر معهم في نمط معين أشبه بخطوات يمشون فيها بترتيب معين، وتتكرر كل مرة بشكل غير واع.

ماذا نفعل لو قمنا بسلوكيات تدمير ذاتي بشكل متكرر؟

لحل هذه المشكلة يجب فعل الآتي:

1- التفكير بشكل واع:

فحين نفكر في أمر نستغرق في فكرة معينة لا نعلم أولها من آخرها، ولا نعلم متى بدأت معنا، ولا متى أو كيف سننتهي من التفكير فيها، فنقضي فيها أغلب يومنا وأفكارنا.

كيف نفكر بشكل واع؟ وكيف سيساعدنا ذلك؟

سيساعدنا في القدرة على إعادة تعريف المشاعر والأفكار التي نحس بها. على سبيل المثال، من المفترض أن أستيقظ من النوم لأتجهز وأذهب إلى التمرين، فأجد نفسي أشعر بالكسل وأريد التأجيل، فأوجدت لنفسي العديد من الحجج والأعذار حتى لا أذهب، فجلست بقية اليوم أؤنب نفسي على فشلي وضعفي وعدم امتلاكي للإرادة، وأنني لن أستطيع النجاح في أي شيء.

التفكير بشكل واع

نلاحظ هنا أنني قمت بعمل أمرين بشكل غير واع، أجلت سلوكا إيجابيا كان من المفترض فعله، فألوم نفسي على ذلك. والحل لذا الأمر يكمن في الانتباه والتركيز وسؤال النفس ومصارحتها عن سبب التأجيل. ثم الانتباه للإجابات والأعذار التي يخترعها الدماغ، فلو وجدت فكرة سلبية ليس لها وجودا حقيقيا على أرض الواقع، فهذا معناه أنه نوع من سلوكيات تدمير الذات.

هنا يجب التوقف لدقيقتين والتكلم بشكل واع، فأنا لست فاشلة، فهذه فكرة سلبية وغير حقيقية، وأي شخص سيبذل جهدا سيجد المقابل له؛ فلو ذهبت إلى النادي الرياضي وتمرنت واستمريت على ذلك فمن المؤكد أنني سأجد نتيجة مرضية.

وعلى الرغم من مساوئ التأجيل إلا أنه ليس دائما خاطئا، فلو أنني مصابة، وأحتاج إلى التعافي، فالتصرف الطبيعي والصحي هو تأجيل التمرين. هنا نجد فرقا بين الفكرتين، فالفكرة الثانية منطقية أكثر ولها وجود حقيقي، فمن الطبيعي أن أرضخ لها.

2- إعادة تعريف الشعور:  

على سبيل المثال، فتاة كانت مرتبطة وانتهت العلاقة لأي سبب كان بسبب رغبة الطرف الآخر، هنا أول شيء سيتبادر لنفسها أنها شخص سيئ وأنها لم تكن جيدة كفاية. هذا تعريف خاطئ للشعور، فالفشل في علاقة أو امتحان أو مقابلة عمل ليست مقياسا لأن أكون شخصا جيدا أم سيئا. فالفشل في علاقة يعني أن الشخصين غير مناسبين لبعضهما، وليس لأن أحدا في هذه العلاقة سيئ. ومن الممكن أن يعني أني أستحق علاقة أفضل أو شخصا أفضل، ولكن لأننا نعاني من جلد الذات وصورة ذاتية متعبة فدائما ما نضع اللوم على أنفسنا.

إعادة تعريف المشاعر


فالفشل في امتحان لا يعني أني شخص فاشل، على الرغم أننا قد نشأنا على هذا المفهوم، فلو كانت علامة الامتحان سيئة أو لو رسبت في الامتحان فذلك يعني أنني شخص فاشل، بل على العكس، فالفشل في الامتحان لا يحدد هويتي، فهذا تعريف خاطئ للشعور، بل إن الفشل في الامتحان معناه أني لم أكن جاهزا، أو لم أدرس جيدا وبشكل كاف، فيكون الفشل تنبيها للإهمال في الدراسة، وأحتاج التركيز بشكل أكبر.

ودائما ما يكون هناك فرصة أخرى أستطيع فيها تحسين المستوى الدراسي والتركيز أكثر. ولو حاولت أكثر من مرة وفشلت فهذا النوع من الدراسة غير مناسب لي، أو أنني في العموم لا تناسبني الدراسة، فأبدا البحث عن مجال عملي مناسب لأبدأ به. فالفشل في الدراسة لا يعني بأن الإنسان فاشل بشكل كلي.

3-   الصورة الذاتية:

الصورة الذاتية عن النفس مهمة جدا، ويجب تغييرها لو كانت خاطئة. فهناك أشخاص يصابون بالكآبة حين يتصفحون مواقع التواصل، لأنهم يرون أن الناس يظهرون على مواقع التواصل بشكل يوحي بأن حياتهم رائعة وممتازة، فصفحاتهم مليئة بالصور رائعة، ومغامرات السفر، والرحلات، وملابس جديدة من ماركات عالمية، ومجوهرات وحياة خيالية بالنسبة للرائي، الأمر الذي يزجّه في حالة من الاكتئاب لأنه شعر بأنه بلا قيمة، لأن حياته من المستحيل أن تكون شبيهة بحياة المؤثرين.

الصورة الذاتية


لذا لو كنت لا أملك صورة ذاتية مستقرة عن نفسي، ومقتنعة بأن قيمتي لا تأتِ من الشهرة أو الماركات العالمية فلن يكون هناك مشكلة، ولكن المشكلة تأتِ حين لا نعرف من أين تأتِ قيمتنا أو صورتنا الذاتية. فغالبيتنا لديه صورة ذاتية مضطربة ومشوهة بسبب رواسب من الطفولة والتربية ومدرسي المدرسة، وجميع الأشخاص الذين نشعر بأهميتهم وقدرتهم على تحديد قدراتنا وأهميتنا ونحن أطفال. فلو قالت لي المدرّسة ذات مرة أنتِ فاشلة ولن تستطيعي حفظ جدول الضرب، فمن الممكن أن أستمر طوال حياتي غير قادرة على حفظ جدول الضرب، لأن الفكرة قد ترسخت في خلايا دماغي، لأني حين كنت طفلة كنت أرى قيمتي من خلال مدرّستي.

أما الحل لهذه المشكلة فهو كتابة كل الأفكار التي نملكها عن أنفسنا، وكل فكرة سلبية أراها عن نفسي أبدأ بكتابتها، وأسرد عنها التفاصيل؛ لماذا أحس بذلك؟ ولماذا أرى نفسي كذلك؟ وأحاول الوصول إلى جذور الموضوع. ثم استبدال كل فكرة سلبية عن نفسك بفكرة أخرى إيجابية. فبدلا من قول "أنا فاشلة في الحساب" أقول "لم أستطع حفظ جدول الضرب"، أو حتى جعلها أفضل من ذلك بقول "أنا لم أستطع حفظ جدول الضرب وأنا في هذا السن"، أو هذه ليست المادة التي أحبها وموهوبة بها، فأنا كنت أحب مادة اللغة العربية وكنت جيدة بها"، لذا ليست مشكلتي أنه لم يستطع أحد استيعاب ذلك.

أيضا يجب التفكير بأن قيمتنا نولد بها، ولم تكن منحة أو منة من المفترض أن ننتظر أخذها من كلمة يقولها لنا أحدهم، مهما كان هذا الشخص قريبا أو مهما، فقيمتي في كوني إنسان يعيش ويتطور ويحاول أن يكون أفضل.

4- مراقبة الأهداف:

فحينما نضع أهدافا كبيرة جدا، عادة نؤجلها لأن الدماغ يجعلنا نتجنب الأمور التي يرى أنها تحتاج بذل جهد كبير جدا. فعلى سبيل المثال، حتى أصنع الحلقة التي تتحدث عن هذا المقال، يقول لي دماغي بأن أؤجل الحديث عن سلوكيات التدمير الذاتي حتى أمتلك الوقت الكافي، لأنها تحتاج إلى بحث وتحضير وتفكير وتحليل، كما تحتاج إلى تصوير ومونتاج ورفع الفيديو على موقع اليوتيوب.... إنها أمور كثيرة لفعلها. وثم يبدأ دماغي يبدأ بتذكيري بكل عقبة من الممكن أن تظهر لي وتعطل سير إعداد هذه الحلقة. ولو كنت قد امتثلت لكل ذلك فلم أكن لأفعلها. ولكن ما قمت به هو التالي:

- تقسيم الهدف الكبير لأهداف صغيرة. على سبيل المثال، أريد اليوم قراءة القليل عن هذه الفكرة.

- ثم بدء العمل على كل جزء لوحده؛ فبعدما أنتهي من التحضير سيتبقى لدي هدف آخر صغير اسمه التصوير، وبعد التصوير المونتاج، وبعده رفع الفيديو على الموقع ونشره. - حينما أحقق كل هدف صغير منهم يشعر الدماغ بالإنجاز، وبالتالي سيكون لدي الدافع لاستكمال بقية أهدافي. 

5- ليس من الضروري أن أكون مثالية (perfectionist):

فهناك أشخاص يريدون فعل كل شيء بطريقة مثالية لأنهم يخافون من النقد، الأمر الذي يضع حملا كبيرا على أدمغتهم وبالتالي الشعور بالضغط بسبب التأجيل. كما يجب العمل كثيرا على فكرة أنه ليس من الضروري أن يكون كل شيء مثاليا، فأنا سأقوم بأفضل ما باستطاعتي، وأن أذكر نفسي بأنه حتى الأمور المنجزة بشكل مثالي تتعرض للانتقاد أيضا، لأن الناس لا يتفقون أبدا على أمر واحد، وأن أتذكر بأن قيمتي لا أعرفها من رأي الآخرين، وأن النقد لا يهز صورتي الذاتية عن نفسي.

توقف عن المثالية


6- عدم التركيز على المشكلة:

لأن التركيز على المشكلة يجعل من الصعب رؤية الحلول. فلو كنت أفكر طوال الليل والنهار بأني لا أمتلك المال، وأن الأمور الحياتية تصبح أغلى، وأبدأ بالقلق عن كيفية الحصول على المال لأوفي التزاماتي وأصرف على أطفالي. هذه الفكرة لو تمكنت مني فلن أستطيع التفكير أصلا بالحلول، حيث ينشغل الدماغ طوال الوقت بالتركيز على المشكلة، ويكرر أحداثها وجوانبها مرارا وتكرارا، مما يرفع التوتر والضغط الذي يمنع التفكير بعقلانية.

التركيز على المشكلة


والحل يتمثل بتحديد المشكلة وإيجاد الحلول المنطقية. مثلا لدي مشكلة مادية، فدخلي أقل من التزاماتي، وغير قادرة على العيش الجيد. هنا أكون قد حددت المشكلة، فأبدأ بإيجاد الحلول. ثم أنتقل إلى الفكرة الثانية: كيف سأستطيع رفع دخلي؟ هل أنا قادرة على أن أزود دخلي من وظيفتي الحالية؟ هنا أحاول إيجاد أشخاص لديهم خبرة في المجال، وأدخل إلى الانترنت لأقوم بالبحث، وأبدأ بالعمل على الحلول التي وجدتها.

 

لو كنت موظفة مثلا فلا أستطيع رفع دخلي من وظيفتي، الأمر الذي يدفعني إلى إيجاد عمل آخر إلى جانب الوظيفة لو كنت أملك الوقت الفارغ لذلك. فأجد أكثر شيء أفهمه وأحبه وأرى كيف من الممكن أن أحوله لمصدر دخل. لو لم أمتلك ذلك فمن الممكن أن أجد شيئا أتعلمه في وقت قصير، فآخذ فيه كورسات تعليم مجاني لأعلم نفسي وأبدأ العمل والحصول على المال.

كل ذلك عبارة عن حلول، أو تفكير في الحلول، وليس تفكيرا في المشكلة، فلو أنا وقفت عند كل مرحلة فلم أكن لأصل إلى نقطة: ما الممكن عمله للحصول على المال لأحسن وضعي من كذا وكذا؟

نصيحة أخيرة:

أخرج الصندوق المدفون في أعماقك، فالسلوكيات والأفكار التي اكتسبتها وكبرت معك من طفولتك ستجد منها الكثير يؤثر عليك وعلى حياتك. وستجد أمورا تحتاج إلى إعادة نظر، وأمورا تحتاج إلى تبديل، وأمورا أخرى تحتاج أن ترمى في سهلة المهملات. وهي أكثر أمر لا يفكر فيه أحد، ولكن تأثيره على حياتنا وواقعنا أكبر وأضخم مما كنا نتصور.

 

بعد ذلك اطلب الدعم والمساعدة لو شعرت بأنك غير قادر على التخلص من هذه السلوكيات وتغييرها، أو شعرت بدخولك حلقات من الاكتئاب والعزلة بسبب سلوكيات التدمير الذاتي. واطلب المساعدة من الأشخاص المقربين الذين ترى أنهم يستطيعون التفهم واستيعاب المشكلة. وإن لم تجد المساعدة فاطلب الدعم والمساعدة من شخص متخصص سواء كان أخصائي نفسي أو مدرب حياة. وإن طلب المساعدة لا ينتقص منا أبدا، فجميعنا بشر نحتاج إلى دعم نفسي في وقت ما في حياتنا. لذا لا تشعر بالحرج والعار بطلب المساعدة ممن حولك، فإن لم يكن المقربين إلى جانبنا في هذه الأوقات، فمتى سيكونوا متواجدين؟


اطلب مساعدة مختص

 

صحة نفسية
سلوكيات
تدمير ذاتي
الخوف من الفشل
سلوكيات إدمانية
التعرض للصدمات
جلد الذات
انعزال اجتماعي
تأجيل
صدمات الطفولة
تروما
توتر
أمراض نفسية
قلق
اضطراب ما بعد الصدمات
أمراض مناعية
أمراض مزمنة
أنماط سلوكية
نقترح عليك
ذات صلة