هل خبز الساوردو بديل آمن؟
خبز الساوردو يُقدم اليوم باعتباره البديل الصحي الأفضل للخبز التقليدي، كثيرون يعتقدون أن تحضيره باستخدام الخميرة الطبيعية يجعله أكثر صحة ويقلل أو يزيل منه الجلوتين بالكامل، وهذه الأفكار ليست من عندي، بل هي تعليقات تتكرر بكثرة كلما تحدثت عن أضرار الجلوتين.
ومع انتشار الاعتماد على خبز الساوردو كخيار «آمن» بديلًا عن الخبز العادي، أصبح من الضروري التوقّف قليلًا وطرح بعض الأسئلة:
هل يُعدّ خبز الساوردو بالفعل بديلًا آمنًا؟ وهل هو خالٍ تمامًا من الجلوتين؟ وما الفرق الحقيقي بينه وبين الخبز العادي ما دام كلاهما مصنوعًا من دقيق القمح؟ ولمن يناسب تناوله، ولمن لا يناسب؟ وما فوائده المحتملة، وما مخاطره؟
أنا أرى أن هذا موضوع مهم وقد حان الوقت للحديث عنه، لأن كثيرًا من الناس يستخدمون خبز الساور دو، والمحتوى الذي يجدونه عنه مرتبط غالبًا بطريقة تحضيره لا بالحقائق الغذائية الخاصة به، لذلك دعونا نتحدث قليلًا اليوم عن هذا الموضوع، ومن يسمع عن خبز الساور دو ولم يجربه من قبل فهذه فرصة لطيفة أيضا ليحدد موقفه منه، وهل سيحب تجربته أم لا بعد هذه الحلقة.
يُمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
ما هو خبز الساوردو؟
خبز الساوردو هو خبز عادي جدًا، يصنع تمامًا مثل الخبز الذي نعرفه، لكن الفرق الوحيد أنه يعد بدقيق القمح الكامل وليس الدقيق الأبيض، ويمكن أن تدخل فيه حبوب أخرى مثل الحنطة، ويعتمد في تحضيره على الخميرة الحية، وهي خميرة طبيعية تختلف كليا عن الخميرة الصناعية الجاهزة المستخدمة في الخبز التقليدي، ولها أسماء متعددة مثل العجينة الأم أو الستارتر. هذه الخميرة هي العنصر الأساسي الذي يجعل خبز الساوردو مختلفا فعلًا عن الخبز العادي.
الفرق بين الخميرة التجارية والستارتر
الخميرة التجارية العادية تحتوي على خمائر تقوم بالتخمير السريع الذي لا يحتاج أكثر من ساعة إلى ثلاث ساعات كحد أقصى، ولا يكون لها تأثير كبير على طبيعة القمح والبروتينات الموجودة فيه، أما الخميرة المستخدمة في خبز الساوردو، وهي الستارتر، فلا تتكون من خمائر فقط، بل تحتوي أيضًا على بكتيريا حية من نوع لاكتيك أسيد باكتيريا. هذا لا يعني أن الستارتر خال من الخمائر، بل يحتوي عليها، لكن العنصر الأساسي فيه هو البكتيريا الحية. أهم ما تقوم به هذه البكتيريا هو تفكيك مضادات المغذيات الموجودة في القمح مثل الفايتيك أسيد الذي يمنع امتصاص المعادن ويسبب الالتهابات، كما تساعد في تكسير الجلوتين بشكل جزئي. وهنا يجب الانتباه لعبارة بشكل جزئي. فحسب الدراسات تستطيع الخميرة الطبيعية تكسير ما يقارب 30 إلى 50 بالمئة من محتوى الجلوتين في دقيق القمح وفقا لمدة التخمير.
فوائد الخميرة الطبيعية في الخبز
الخميرة الطبيعية تمنح الخبز نكهة مختلفة تميل إلى الحموضة مقارنة بالخبز العادي، وتساهم في خفض المؤشر الجلايسيمي للخبز نسبيًا، لأنها تحول جزءا من النشويات البسيطة أثناء التخمير إلى نشويات أكثر مقاومة للهضم، مما يجعل ارتفاع السكر أبطأ. كما تنتج أحماضًا عضوية تخفض حموضة العجين، مما يبطئ عمل إنزيمات الهضم في الفم والمعدة، ويزيد الشعور بالشبع، ويبطئ انتقال الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، وهذه العوامل مجتمعة تساعد على خفض المؤشر الجلايسيمي، أي معدل وسرعة ارتفاع سكر الدم بعد تناول الخبز. كل ذلك بالمقارنة مع الخبز العادي الذي يبلغ مؤشره الجلايسيمي 70 إلى 75 وهو مرتفع جدًا، بينما يبلغ مؤشر خبز الساوردو 50 إلى 55 وهو أقل منه بدرجة واحدة فقط.
الفرق بين الخبز الغادي وخبز الساوردو
- الخبز العادي يصنع من دقيق أبيض مكرر، بينما يصنع خبز الساوردو من دقيق القمح الكامل.
- الخبز العادي يعد بخميرة تجارية لا تمتلك أي فوائد، أما خبز الساوردو فيحضر بخميرة طبيعية تحتوي على بكتيريا حية لها فوائد عديدة.
- الخبز العادي يحتوي على نسب عالية من الفايتك أسيد والجلوتين، في حين يحتوي خبز الساوردو على نسب أقل منهما بسبب تفكيكهما جزئيا بفعل البكتيريا الحية.
- المؤشر الجلايسيمي لخبز الساوردو منخفض نسبيا مقارنة بالخبز العادي، لكنه يظل مرتفعا.
يُمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
الساوردو ليس حلًا سحريًا
ما نفهمه هو أن خبز الساوردو ليس حلًا سحريًا لكل مشكلات الخبز المعروفة. فإذا كنت تمتنع عن الخبز بسبب رغبتك في اتباع نظام خال من الجلوتين، وخصوصا إذا كنت مريضا بالسيلياك أو لديك مرض التهابي في الجهاز الهضمي، فإن خبز الساوردو لا يعد بديلا مناسبًا، لأنه في الواقع غير خال من الجلوتين. وإذا كنت تتجنب الخبز بسبب إصابتك بالسكري أو مقاومة الإنسولين أو السمنة، فهو أيضا لا يكون خيارًا مناسبًا، لأن مؤشره الجلايسيمي لا يعتبر منخفضا
متى يكون خبز الساوردو مناسبًا؟
يكون خبز الساوردو مناسبًا إذا كنت غير مهتم أساسًا بموضوع تجنب الجلوتين، ولست راغبًا في التوقف عن تناول الخبز، ولكنك تبحث عن بديل أقل ضررًا وألطف نسبيًا على الجهاز الهضمي. وهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن توصيتك فيها بتناول خبز الساوردو، وهي الحالة التي يصدق عليها المثل الشعبي "نصف العمى ولا العمى كله".
متى يكون الساوردو خاليًا من الجلوتين؟
هناك حالة واحدة فقط يمكن أن يكون فيها خبز الساوردو خاليًا من الجلوتين، وهي أن يصنع أصلًا من دقيق خالِ من الجلوتين، مثل دقيق الأرز أو أي نوع آخر من أنواع الدقيق الخالي من الجلوتين. وفي هذه الحالة ستحصل على الفوائد والمميزات الأخرى للخميرة الطبيعية، فهي بالفعل رائعة ولها فوائد عديدة جدًا.
أين نحصل على الخميرة الطبيعية أو الستارتر؟
الخميرة الطبيعية أو الستارتر لا يمكن شراؤها جاهزة من السوبر ماركت أو عبر الإنترنت، لأنها تحتاج إلى ظروف معينة للتخزين وطرق تغذية متكررة. لذلك يجب إعدادها في المنزل.
العملية تحتاج إلى أيام وصبر، وقد تفشل في بعض المحاولات، لكن الخبر الجيد أن تكلفتها منخفضة ويمكن إعادة المحاولة حتى تنجح. سأشرح الآن كيفية تحضيرها وكيفية اختبار نجاحها.
المستلزمات الأولية
كل ما تحتاجه في البداية هو:
- برطمان نظيف ومعقم
- ملعقة خشبية
- مياه مفلترة أو معدنية، لا تستخدم مياه الحنفية لأنها تحتوي على كلور
- دقيق كامل الحبة من نوع تختاره بنفسك، يمكن أن يكون دقيق القمح الكامل، أو أي نوع دقيق كامل آخر تفضله
خطوات التحضير
ضع في البرطمان 50 جرامًا من الدقيق و50 مل من المياه. يفضل وزن المكونات لضبط النسب.
قلب المزيج جيدًا حتى يتحول إلى عجينة سميكة بعض الشيء.
غطِ البرطمان بغطاء غير محكم أو قطعة شاش نظيفة، واتركه في درجة حرارة حوالي 25 درجة مئوية، لا تضعه في الثلاجة.
اليوم الأول والثاني
في اليوم التالي، افتح البرطمان وشم رائحة الخليط. إذا بدأت تظهر رائحة حامضية خفيفة فهذا طبيعي. لا حاجة لعمل أي شيء آخر سوى التقليب بالمعلقة النظيفة وإعادة تغطيته وتركه.
اليوم الثالث
أول يوم تغذية
تخلص من نصف كمية الخليط.
أضف 50 جرامًا من الدقيق و50 مل من المياه.
قلب المزيج جيدا وأعد تغطيته.
اليوم الرابع
يجب أن تصبح رائحة الخليط أكثر حموضة، ويبدأ في تكوين فقاقيع ويزداد حجمه قليلًا.
إذا ظهرت هذه العلامات، كرر نفس عملية التغذية: تخلص من نصف الخليط وأضف 50 جراما دقيق و50 مل مياه، ثم قلبه وغطيه.
اليوم الخامس وما بعده
يجب أن ترى فقاقيع واضحة ورائحة حامضية قوية تشبه الزبادي أو التفاح المخمر.
استمر في عملية التغذية نفسها. بعد 4-6 أيام، إذا انتفخ حجم الخليط بشكل واضح، يصبح الستارتر جاهزًا للاستخدام.
إذا لم يزداد الحجم، استمر في التغذية يومين إضافيين.
اختبار جاهزية الستارتر
يمكن معرفة أن الخليط جاهز للاستخدام إذا:
- تكبر العجينة بعد 4-6 ساعات من التغذية
- تكون الرائحة حامضية وليست عفنة
اختبار المياه
ضع ملعقة صغيرة من الخليط في كوب ماء، إذا طفت على السطح فإن الستارتر ناجحة.
بعد نجاح الستارتر، لا حاجة لإعدادها من جديد في كل مرة.
احفظ البرطمان في الثلاجة.
عند الحاجة، أخرجه قبل الاستخدام بفترة كافية، عده كما سبق وتركه 4-6 ساعات، ثم استخدم الكمية المطلوبة وأعده إلى الثلاجة.
بهذه الطريقة يكون لديك خميرة طبيعية جاهزة للاستخدام في أي وقت.
إذا كنتم تحبون دائما تجربة كل الوصفات الطبيعية المشهورة بفوائدها، فلا يمكن أن تفوتكم الوصفة الأصلية لشوربة البصل العلاجية. ستجدون الطريقة بالضبط وكل المعلومات عن فوائدها واستخداماتها في الحلقة التي ستظهر حاليا.
للحصول على المنتجات المقترحة في المقال:
خميرة بلدية للخبز الخالي من الجلوتين
خميرة بلدية للخبز الذي يحتوي على جلوتين
