نظام باليو الغذائي (paleo diet)
لمحاربة الأمراض وتعزيز المناعة والصحة
هو نظام غذائي صحي وسهل جدا، لا يحتاج إلى حساب عدد السعرات الحرارية، ولا يحتاج إلى حساب جرامات النشويات أو الدهون. وإني أعتبره أفضل نظام غذائي لأي شخص يحاول الحفاظ على صحته، أو الحفاظ على النتائج التي وصل إليها بعد التعافي من الأمراض. وهو نظامي الغذائي المفضل بعد نظام الكيتو.
حمية الباليو، أو نظام الإنسان البدائي، هو ليس أمرا جديدا أو مبتكرا، بل هو الأمر العادي للإنسان القديم، لذلك سمي بحمية إنسان الكهف أو حمية الإنسان البدائي. فماذا يعني ذلك؟ وما علاقة الإنسان البدائي بالأمر؟ وما هو الممنوع والمسموح فيه؟
سنتحدث في هذا المقال عن جميع التفاصيل التي تحتاجونها عن حمية الباليو.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
حمية الباليو (paleo diet):
باختصار شديد، هو نظام يرى الإنسان البدائي قبل أن يعرف الزراعة المتقدمة، أي الزراعة على نطاق واسع ومساحات ضخمة كالتي نعرفها الآن. يرى كيف كان الإنسان في هذا الوقت؟ ماذا كان يأكل ويشرب؟ وأنواع الطعام التي كانت موجودة وقتها؟ واستبعاد ما هو غير أساسي في نظام الإنسان، وهذا ما يجعله من أكثر الأنظمة صحية، لأن الأطعمة المسموحة فيه هي أطعمة مناسبة لنظامنا البشري، فهي موجودة في الطبيعة بشكل تلقائي دون تدخل الإنسان، ودائما ما يكون الشيء الموجود في الطبيعة في المكان الذي نحن فيه في وقت معين من السنة هو الأنسب لنظامنا البشري. هذه هي عظمة تصميم الكون، نظام متكامل ولا يحتاج إلى تدخل كبير منا.
الممنوع والمسموح في الباليو:
كان الإنسان البدائي يعيش في الأساس على الصيد والجمع والالتقاط. لذا ما سنقوله هو المسموح:
1- لحوم وشحوم الحيوانات:
حينما كان الإنسان البدائي يصطاد أرنبا بريا أو غزالة، لم يكن يأكل اللحم ويرمي الدهن لأنه يسبب أمراض القلب، فدهون الحيوانات لا تسبب أمراض القلب ولا ترفع الكوليسترول، بل على العكس، هي أساسية وضرورية لأجسامنا، ومصدر رائع للحصول على الطاقة التي لم يكن من السهل الحصول عليها في هذا الوقت.
2- الفواكه بأنواعها:
فالفواكه تنتجها الأشجار، والأشجار لا تحتاج تدخل الإنسان في زراعتها، فقد كانت تنمو وتخرج الثمار، فيأتي الإنسان أو الحيوان ليأكل هذه الثمار ويرمي بذورها في أي مكان، أو يتناول الثمار مع بذورها لتخرج مع الفضلات، فتنبت وتخرج منها شجرة أخرى وهكذا...
3- المكسرات:
تنتج الأشجار المكسرات أيضا، وإن المكسرات مصدر رائع للدهون الصحية والبروتين والنشويات المعقدة.
4- البذور:
جميع أنواع البذور مسموحة، فقد كانت موجودة داخل الفواكه أو ينتجها أي نبات يصل مرحلة النضوج. وكانت تنتج البذور على نبتة جديدة مع الموسم الجديد.
5- الخضروات:
بالطبع لم تكن جميع أنواع الخضروات موجودة ومتوفرة في العصور القديمة بشكل مستمر، لكن حمية الباليو لا تمنع الخضروات لأنها مصدر طبيعي وصحي للألياف والمعادن والفيتامينات المهمة.
ما هي الممنوعات الصريحة؟
- جميع الأطعمة المصنعة:
فالإنسان القديم لم يكن لديه مصانع يقوم بها بتصنيع اللحوم والنقانق وقطع الدجاج المقلية (chicken nuggets). ولم يكن هناك مصانع لإنتاج الأطعمة المعلبة، والصلصات والحلويات.
- جميع الأطعمة المعالجة والمكررة:
لم يكن هناك مصانع تنتج السكر المكرر والدقيق المكرر لعمل رغيف خبز للتغميس. وذلك يثبت لنا أن الخبز ليس من المسلمات في حياة البشر، فالإنسان البدائي عاش حياته واستمر دون تناول الخبز. أيضا جميع الدهون المهدرجة ممنوعة، مثل السمن النباتي، وجميع زيوت البذور أيضا.
أمور مختلف عليها، بين المسموح والممنوع:
دعونا نتفق بداية أن حمية الباليو هي نظام صحي، وهدفه أولا وأخيرا هو تحسين الصحة العامة للإنسان والمساهمة في علاج الأمراض والمشاكل الصحية. وهذا هو الأساس الذي يتم وضع أي قاعدة عليه في الباليو.
- الحبوب:
الحبوب ليست ممنوعة تماما في حمية الباليو، لكن لا يفضل تناول الحبوب، وذلك لعدة أسباب:
1- لأن الحبوب مثل القمح والأرز والذرة تحتاج إلى الزراعة على نطاق واسع، وهذا لم يكن متاحا للإنسان البدائي.
2- لأن الحبوب تحتوي على بروتينات ضارة مثل الجلوتين والليكتنز بكميات كبيرة، وهذا أمر غير صحي لصحة الإنسان.
3- إن البشر في الزمان القديم كانوا أكثر وعيا بأجسادهم من هذا الزمان، فكانوا يلاحظون تأثير الطعام، فإن كان سلبيا يتجنبوه.
4-معظم البشر ليس لديهم تحملا للجلوتين لذا فإن هذه الأنواع من البروتينات التي تسبب الالتهاب لم تكن الطعام المفضل للبشر.
5- لم يكن هناك عمليات تكرير للطعام، فلم يكن القمح يدخل المصانع ليخرج منها دقيقا جاهزا لصنع الخبز الذي نأكله الآن.
6- فلم تكن الحبوب هي الطعام المفضل بالنسبة للبشر، بل كانت طعاما مناسبا أكثر للحيوانات. حتى أني حينما قمت بزراعة الشعير فقد قمت بذلك لهذا الهدف، وليس لتناوله أنا وعائلتي.
لذا لو كنت ستتبع نظام الباليو فيفضل تجنب تناول الحبوب الكاملة أو التقليل منها قدر الإمكان، والامتناع عن تناول الحبوب المكررة أو المعالجة بشكل تام.
ذات الأمر ينطبق على البقوليات، وهي ليست ممنوعة تماما، ولكن يفضل تجنبها أو تناول كميات بسيطة منها داخل الوجبات. وذلك لأن كثرة تناول البقوليات يسبب المشاكل في الأمعاء، ومن الممكن أن يسبب الالتهابات أيضا، حيث اختبر جميعنا الانتفاخات وآلام القولون التي تحصل لمعظمنا بعد تناول البقوليات، لذا لا يجب أن تكون البقوليات هي أساس نظامنا، كما لا يجب منعها بشكل تام، بل إضافتها بشكل خفيف ولطيف إلى الوجبات.
- منتجات الالبان:
منتجات الألبان ممنوعة، فالإنسان القديم لم يكن متقدما كثيرا في تربية الحيوانات والمواشي بالدرجة التي تسمح له بالحصول على منتجات الألبان، فقد كان يعتمد بشكل أكبر على الصيد، مما جعله يتنقل كثيرا، وهذا ضد سيكولوجية الزراعة، فالزراعة تحتاج للاستقرار، وبالتالي القدرة على تربية الحيوانات التي تنتج الألبان.
إلى جانب أن ألبان الحيوانات من المفترض أن تكون مصدر غذاء لصغار الحيوانات، وليس لنا، لذا حين نأخذ غذاء صغار الحيوانات المناسب لأجسامهم في هذه المرحلة العمرية فعلى ماذا سيعتمدون في غذائهم؟
بالطبع سنضطر لإعطائهم البديل، الأمر الذي يؤدي إلى اللعب بنظامهم، لأن البديل غير مناسب لهم في هذا الوقت، وبالتالي سيؤدي الأمر للعب بنظامك أنت، لأن ذلك غير مناسب لجسمك، وقد تحدثت سابقا في موضوع منتجات الألبان في حلقة ومقال خطورة تناول الحليب.
إلى جانب ذلك، إن اللاكتوز غير مناسب لمعظم البشر، وكلما كبرنا في السن يزداد عدم تحمل اللاكتوز لأن أجسادنا تفقد قدرتها على إفراز أنزيم اللاكتيز الذي يهضم سكر اللاكتوز. باختصار إن منتجات الألبان غير مناسبة لنا كبشر، وممنوعة في نظام الباليو.
- البيض:
صحيح ان البيض لم يكن موجودا بشكل كبير في نظام الإنسان البدائي، حيث لم يكن يستطيع تربية الطيور بسبب كثرة التنقل، إلا أن البيض غير ممنوع في نظام الباليو. ذلك لأن البيض ليس له ضرر للإنسان، فهو نوع من البروتينات الحيوانية، يحتوي على البروتين والدهون الصحية، ومناسب لنظامنا بشكل تام.
- العسل:
مسموح وغير مسموح. فالباليو يسمح بتناول أنواع معينة من العسل مثل عسل المانوكا وعسل السدر والعسل الجبلي. باختصار أنواع العسل الطبيعية غير المكررة وغير المغشوشة مسموحة، مع العلم بأن 99% من أنواع العسل المنتشرة في الأسواق مغشوشة، ولا يؤكد ارتفاع سعر العسل بأنه طبيعي.
ولكن هذا لا يعني بأن تتناول العسل دون قيود، فالباليو من ذات مدرسة اللوكارب التي تقوم على تناول الأطعمة الغنية بالسكر والنشويات بقيود، ولكنه لا يحدد كميات معينة مثل حمية اللوكارب أو الكيتو، بل يترك الأمر وفقا لما يناسب كل شخص؛ فمن كان رياضيا ويتحرك كثيرا، فمن الممكن أن يتناول السكريات والنشويات بكمية أكبر قليلا من شخص لديه وزنا زائدا وحركته قليلة وأكبر سنا، ولكن في النهاية لا يسمح بأن تكون النشويات أساس الوجبة، بل يجب أن يكون البروتين والدهون الصحية والبذور والألياف
هي أساس الوجبة، ثم تأتِ النشويات والسكريات الطبيعية بالمرتبة الأخيرة وبكميات بسيطة.
- الوجبات الخفيفة (snacks):
الوجبات الخفيفة ممنوعة، حيث يوصي الباليو بتنظيم عملية تناول الطعام، حيث يتم تناول وجبتين يوميا، حتى لو لم يكن بغرض عمل صيام متقطع، فالإنسان البدائي لم يكن يملك ثلاجة مليئة بالطعام ليأكل 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع، بل كان يخرج كل يوم باحثا عن أرنب يصطاده، أو ثمرة فاكهة يجدها على شجرة، أو بعض المكسرات، وهكذا.. والطبيعي أنه كان يجد أحيانا مطلبه، وأحيانا لا يجد؛ أي أنه كان يجلس بالأيام دون طعام، لذا كان الإنسان البدائي يقوم بالصيام المتقطع والصيام المطول، ما يعني أنه كان يتبع حمية الباليو في الأيام التي يجد فيها طعاما، وحمية الكيتو في الأيام التي لم يجد فيها طعاما، لأن الإنسان حين يُحرم من مصادر الطاقة لمدة تفوق 16 ساعة وأكثر، فإنه يبدأ الدخول في عملية حرق الدهون بشكل تلقائي وهي حالة الكيتوسيز(Ketosis). لذا فإن حمية الباليو وحمية الكيتو والصيام المتقطع والصيام المطول ليسوا اختراعات جديدة.
من الذي يحتاج الالتزام بحمية الباليو؟
كل الناس بحاجة للالتزام بحمية الباليو، فكل ما تمنعه حمية الباليو هي أمور يحتاج الناس للامتناع عنها حقا. وكل الأمور التي تقننها حمية الباليو من المفترض أن يقللها جميع الأشخاص، وكل ما تسمح به حمية الباليو هي أكثر الأمور مُناسَبَةً لنظام جسم الإنسان. وإني أتبع نظامي الكيتو والباليو وأبدل بينهما كل فترة لأني أحب النظامين وأرتاح فيهما جدا.
من يتوجب عليه الامتناع عن حمية الباليو؟
الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية لا زالت تحتاج للعلاج بمساعدة حمية الكيتو، مثل: مرض السكري، ومقاومة الأنسولين، والكبد الدهني، وأي مشكلة مرتبطة بارتفاع معدلات الالتهاب مثل الأمراض المناعية وتدهور الوظائف الإدراكية. فهم يحتاجون نظام الكيتو للسيطرة على مستويات سكر الدم بشكل مستمر، لأن الكيتونات ذات طاقة مضادة للالتهاب، وتعمل على تحسين الأداء المعرفي والوظائف الإدراكية.
لو كنت تعاني من إحدى هذه المشاكل، فمتى تلتزم بالكيتو ومتى تلتزم بالباليو؟
حينما تسيطر بنسبة كبيرة جدا على الحالة المرضية. فإني قد التزمت بنظام الكيتو دون انقطاع لمدة تتجاوز السنتين لأستطيع السيطرة على الروماتويد والتعافي منه، أي لم أعد معرضة للهجمات، ولم أعد أعاني من الالتهابات والآلام، وأرقامي في التحاليل عادت لطبيعتها مثل أي شخص طبيعي، دون حاجة لأي نوع من أنواع الأدوية نهائيا، في ذلك الوقت استطعت التبديل بين نظام الكيتو ونظام الباليو.
ذات الأمر لو كنت مريضا بالسكري أو مقاومة الأنسولين أو أي اضطراب مناعي أو مشكلة مزمنة، وما زلت تحاول السيطرة عليها أو التعافي منها فستلتزم بحمية الكيتو، أما حين تستطيع السيطرة على المشكلة وتصبح قادرا على الاستغناء عن الأدوية دون التعرض للهجمات أو المشاكل، فذلك يعني أنك استطعت التعافي والعودة لحالتك الطبيعية، وللمحافظة على هذه النتائج، فمن الممكن الالتزام بحمية الباليو.
ميزات حمية الباليو:
- بسيط وسهل.
- هناك تنوع أكبر في الطعام.
- لا يحتاج إلى حساب السعرات الحرارية.
- لا يحتاج إلى حساب جرامات الكربوهيدرات والنشويات أو وزن الطعام.
- يحتاج لمنع الأكل الضار غير المناسب والذي يسبب الأمراض.
- ملاحظة الجسم والتواصل معه، والانتباه لتنبيهات الجسم بعدم مناسبة الطعام له.
- التقليل من النشويات والسكريات حتى من مصادرها الصحية لأنها غير أساسية للجسم، أي لا يجب الامتناع عنها ولكن لا يجب أن تكون أساس الوجبة.
إن نظام الباليو هو أكثر أنواع الأنظمة الغذائية التي أنصح بها وأرشحها للناس فيما عدا الحالات التي ذكرتها، فهو صحي ومناسب لجميع الناس، خاصة للأشخاص الذين يريدون الحفاظ على صحتهم بنظام سهل دون حسابات كثيرة.
لمعرفة المزيد عن نظام الكيتو الغذائي وميزاته، عودوا إلى الحلقة والمقال الخاص به.