طرق التخلص من نوبات الهلع
إن نوبات الهلع واحدة من أسوأ التجارب التي يمكن أن يمر بها أي شخص. حيث يتم وصفها بأنها تجربة خارج الجسد، وأن الشعور بها يشبه فقدان السيطرة تماما على كل شيء، وكأنك على وشك أن تفقد عقلك، لدرجة الإحساس باختلاف الأصوات والألوان، وكأنك تختبرها وأنت داخل نفق خارج المكان.
تجربة صعبة جدا ومؤلمة جدا، قد يختبرها بعض الأشخاص مرة أو مرتين خلال حياتهم كلها، بينما يعاني منها آخرون بشكل متكرر، لدرجة امتلاء الفترات بين النوبات بالقلق والتوتر من حدوث النوبة القادمة، لذلك يتم وصفها بأنها "خوف من الخوف"، وعندما لا تكون حالة عابرة، حينها يتم تصنيف الشخص بأنه مصاب باضطراب الهلع.
سأتحدث في هذا المقال عن نوبات الهلع، وسأخبركم عن تفسيري الشخصي لنوبات الهلع بناء على أبحاث وحالات كثيرة تعاملت معها، حالات تعاني من نوبات الهلع أو مرت بها في فترة ما من حياتهم، وعن الحل لنوبات الهلع المتكررة.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
نوبة الهلع:
عبارة عن شعور مفاجئ بالخوف الشديد جدا غير المبرر، ليس له سبب، وليس له محفز. يكون على شكل شعور قوي جدا لدرجة تحفيز استجابات الخوف الطبيعية التي من المفترض حصولها عند مرور الإنسان بموقف يحفز الخوف الشديد أو يشعره بوجود تهديد على حياته وبقائه، لدرجة شعور الشخص بأنه سيصاب بأزمة قلبية أو أنه يموت، ولا يكون لديه القدرة على فهم ما يحصل أو حتى منطقية كل ما يحدث له.
منذ آلاف السنين كانت المواقف المهددة للحياة التي يتعرض لها الإنسان مواقف حقيقية فعلا، مثل مقابلة حيوان مفترس مثلا، فكان لزاما على الجهاز العصبي أن يحفز الجسم على إفراز الهرمونات اللازمة لتحفيز استجابات معينة في الجسم تضمن ضخ كمية دم كبيرة جدا إلى العضلات حتى يستطيع الإنسان أن ينجو بحياته عن طريق القتال أو الهرب.
ما هي هذه الاستجابات العصبية؟
- ضخ كمية دم كبيرة جدا إلى العضلات عن طريق زيادة سرعة وقوة ضربات القلب.
- زيادة معدل التنفس، خاصة الشهيق، لأن العضلات تستهلك الأكسجين بشكل كبير أثناء الجري.
- زيادة جريان الدم عن طريق الأوعية الدموية، وقد يكون هذا سبب الإحساس بالسخونة، أو البرودة، أو الهبات الساخنة، أو القشعريرة.
- تسريع أو إيقاف عمليات الهضم.
- تحفيز جهاز المناعة.
جميع هذه التغييرات تتسبب بشعور الشخص أثناء نوبة الهلع بجميع الأعراض التي ذكرناها؛ من اختناق، أو خفقان، أو ضربات قلب سريعة، أو رعشة، أو خوف شديد جدا، أو آلام في البطن، أو آلام في الصدر.
لماذا تحدث نوبات الهلع في ظل عدم وجود محفز في معظم الأوقات؟
حيث لا يوجد حيوان مفترس يركض خلفه، أو يوجد أي موقف حقيقي مقلق أو موتّر، فمن الممكن حدوث نوبة الهلع أثناء سياقة الشخص، أو أثناء اجتماع عمل، أو أثناء مشاهدة التلفاز. كما من الممكن أن تحفزها مواقف التوتر.
إن الوقوع في حالات الخوف الشديد يحفز هذه الاستجابات، فتتعطل المناطق المسؤولة عن التفكير المنطقي؛ مثل منطقة الفص الأمامي أو الجبهي (Frontal lobe). هذه المنطقة مسؤولة عن عمليات التفكير المنطقي، واتخاذ القرارات، والتخطيط، والتفكير. تتعطل منطقة الفص الجبهي بسبب نشاط المناطق المسؤولة عن تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي، مثل منطقة اللوزة الدماغية (amygdala) التي تنشط استجابة الكر والفر (Fight or flight) التي ينتج عنها جميع الأعراض التي ذكرنا حدوثها أثناء نوبات الهلع.
من المفترض أن تبدأ منطقة (Frontal lobe) بتقييم الموقف والمشاعر أثناء مواقف الضغط النفسي البسيطة التي لا تعرض حياتنا للخطر، ومن هنا تبدأ بتحليل الموقف: هل يستدعي الأمر أن تتوقف جانبا ويحصل استدعاء لتنشيط (amygdala) أم لا.
من المفترض ألا تحصل الاستجابة في هذه المواقف البسيطة، ولكن هناك مجموعة من الأشخاص لديهم مشكلة في التواصل بين (Frontal lobe) و (amygdala)، وهذا يسبب حدوث عملية تسمى اختطاف اللوزة الدماغية (Amygdala hijack)؛ التي تعني اختطاف الدماغ كله لتكون هي المسيطر الوحيد على الموقف، وتبدأ بتفعيل حالة الهجوم أو الهرب (Fight or flight) دون داع أو دون وجود تهديد حقيقي.
ما هو الشيء الذي يسبب تغيرات في التواصل بين اللوزة الدماغية والفص الجبهي،
وحدوث تغيرات في حجم ووظيفة واستجابات الفص الجبهي واللوزة الدماغية؟
في رأيي إنها الصدمات النفسية التي لم يتم علاجها، خاصة الصدمات المرتبطة بالانتهاك الجسدي مثل الضرب، أو التحرش، أو الاعتداء الجنسي. برأيي هي السبب الرئيسي في اضطرابات الهلع، حتى لو كانت صدمات من الماضي البعيد جدا، مثل صدمات الطفولة.
سيقول بعض الأشخاص أنهم لا يعانون صدمات نفسية، وأنهم لم يمروا بأحداث سيئة أو صعبة في طفولتهم. ولكن في الحقيقة لا يوجد أحد بيننا لا يعاني من صدمات، ولكن اعتقادك هذا يدل على مدى عمق الصدمة، فأنت لا تذكرها في الأساس لأن عقلك الباطن قد دفنها في مكان سحيق جدا من اللاوعي، فوعيك لا يمتلك القدرة على تحملها.
ما علاقة نوبات الهلع بالصدمات سواء كانت قريبة أم بعيدة، وإن كنت تذكرها أم لا، وإن كنت تفكر فيها أو تذكرها حين تحصل النوبة؟
إن العقل الباطن لا يعمل بهذه الطريقة، ففي هذه الحالات:
1- يحصل تغير في التواصل والاستجابة للمناطق الموجودة في المخ والمسؤولة عن الحماية والشعور بالخطر، فلا تكون هذه الاستجابة منظمة بالأصل، فمن الممكن أن تحدث الاستجابة بطريقة عشوائية نوعا ما.
2- تنكمش منطقة (amygdala) ويصغر حجمها أكثر من الطبيعي. وهناك دراسات أكدت أن هذه المنطقة من الدماغ يحصل فيها حالة من فرط النشاط، أي أنها تكون أكثر نشاطا، وتستطيع رصد التهديد أو تضخمه بشكل أكبر من الطبيعي، فأي شعور بالتهديد ولو كان بسيطا فسيتم رصده، وتنشط (amygdala) فورا وتفعل استجابة (Fight or flight).
3- يكون رصد التهديدات أو الشعور بالخطر عموما بسبب ارتفاع هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، وهذا يكون مفهوما عند حدوث التوتر بسبب محفز خارجي مثل التعرض لموقف ضغط نفسي أو المعاناة من ضغط العمل أو المشاجرة مع الزوج أو التوتر من الأولاد أو التواجد في مكان مزدحم.
لماذا تحصل نوبات الهلع دون محفز؟
إن ارتفاع الكورتيزول له أسباب أخرى كثيرة ليس لها علاقة بالضغوط؛ حيث يعلو الكورتيزول أحيانا بسبب أمور تحصل داخل الجسم، وجميعها أمور تحصل للجميع كل يوم بشكل عادي جدا، مثل:
- عدم الحصول على نوم جيد.
- التدخين.
- تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة والشاي.
- تغير حرارة الجسم، مثل التعرض للحر أو البرد الشديد.
- التواجد في مكان فيه ضوضاء شديدة.
- اتباع حمية عجز سعرات.
- القيام بالتمارين الرياضية بشكل يزيد عن الحد الذي يستطيع الجسم احتماله.
وإن أكثر ما يزيد من معدل وحّدة نوبات الهلع لدى حالات عملت عليها بنفسي:
أولا: مقاومة الأنسولين
حيث أن 90% من المصابين باضطراب الهلع بينهم عامل مشترك هو مقاومة الأنسولين. قد يبدو الأمر لا علاقة له، ولكن حين تكون النسبة تسعة أشخاص من كل عشرة حينها يكون الأمر ليس صدفة.
ما هو الرابط بين مقاومة الأنسولين ونوبات الهلع؟
تتميز مقاومة الأنسولين بعدم استقرار مستويات سكر الدم، ووجود هرمون الأنسولين بكميات كبيرة في مجرى الدم طوال الوقت. فحينما يكون لدى الشخص كمية كبيرة من الأنسولين فسيكون من السهل جدا نزول مستويات السكر لديه بسهولة، فحينما يحصل انخفاض في مستويات سكر الدم (hypoglycemia) حينها يبدأ الجسم بإفراز الكورتيزول حتى يرفع مستويات السكر مرة أخرى. أي أن مقاومة الأنسولين ترفع الكورتيزول، وهذا يجعل نوبات الهلع تبدأ بسهولة.
ثانيا: فترة انقطاع الطمث (menopause).
حيث يحدث في هذه الفترة انخفاض كبير في مستويات الهرمونات الجنسية مثل الأستروجين والبروجسترون. هذه الهرمونات تعمل على تحسين الحالة المزاجية، فحينما تقل مستوياتها تجعل الحالة المزاجية غير مستقرة، وهذا من الممكن أن يتسبب في تكرار نوبات الهلع.
ما الحل لكل ذلك؟
- تركها تأخذ وقتها وتمر:
حينما تبدأ نوبة الهلع فإنك تحتاج لتركها تأخذ وقتها وتمر، فكل ما في يديك هو محاولة تنظيم تنفسك حتى تستطيع معادلة مستويات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون لتقليل الشعور بالاختناق؛ فهناك كميات كبيرة من الأكسجين في الجسم لا يتم استهلاكها أو التخلص منها، بسبب حدوث استجابة الهدف منها توفير القدرة على بذل جهد بدني عالي مثل الجري لأن العضلات تحتاج لاستهلاك الأكسجين. وبما أنك لا تركض بسبب عدم وجود خطر حقيقي، لذا يسبب هذا الأمر الشعور بالاختناق، لذا يجب تنظيم التنفس من خلال أخذ شهيق وزفير ببطء، وأن يكون الشهيق والزفير متساويان.
- الوعي ببدء حدوث نوبة الهلع:
أي أن تعي دخولك نوبة الهلع فلا تفكر بأنك في خطر، أو أنك ستموت، أو أنك تمر في أزمة قلبية. عليك أن تعي أنها مجرد نوبة ستأخذ وقتها وتنتهي، وكلما استطعت أن تذكر نفسك بأنها مجرد استجابة غير منظمة من جسدك، وأنها لا تشكل خطورة على حياتك، فهذا سيساهم في إنهاء النوبة بشكل أسرع وأن تكون حدتها أقل.
- اتخاذ الإجراءات الاستباقية:
أي لا يجب انتظار حدوث النوبة، بل يجب تجنب حدوث النوبة بالأصل، والابتعاد عن أية محفزات قد تسبب حدوث نوبة الهلع أو ارتفاع الكورتيزول في الجسم.
- علاج مقاومة الأنسولين:
يجب علاج مقاومة الأنسولين في حال وجودها، فبمجرد البدء بالالتزام بالصيام المتقطع وحمية منخفضة النشويات مثل حمية الكيتو، أو حمية الباليو، فهذا سيقلل من تكرار نوبات الهلع بشكل كبير جدا، إلى جانب أن مقاومة الأنسولين مشكلة صحية ليست بسيطة ويجب العمل على حلها سريعا.
- العمل على حل مشكلة أعراض انقطاع الطمث الشديدة:
في حال المرور في فترة انقطاع الطمث ولديك أعراضا شديدة مرتبطة بالتغيرات الهرمونية حينها يجب أن تبدئي العمل على حل هذه المشكلة. ستجدين الكثير من التفاصيل في حلقة ومقال الهبات الساخنة.
- الاهتمام بالابتعاد عن الأمور التي تتسبب في رفع مستويات الكورتيزول:
حيث يجب الحصول على نوم جيد، وعدم التدخين، وعدم تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، والابتعاد عن أنظمة عجز السعرات، وتجنب مواقف الضغط نفسي.
- إدراك بدء حصول نوبات الهلع:
وهو الأهم من كل ما ذكر، لأنه يعني أنك قد أصبحت جاهزا لحل الصدمة وعلاجها. فاللاوعي ينبهك بوجود شيء يجب حله، وأنك تستطيع فعل هذا الآن. لذا عليك اللجوء إلى مدرب حياة أو شخص متخصص في علاج الصدمات النفسية والعمل على حل المشكلة. وإن مفتاح القضاء على نوبات الهلع هو علاج الصدمات النفسية وحلها.
- الحفاظ على استقرار مستويات هرمون الكورتيزول:
حتى يحدث ذلك، يجب الحفاظ على استقرار مستويات الكورتيزول في الجسم، وهناك أمور كثيرة من الممكن أن تساهم في ذلك، مثل:
- تناول فيتامين ب1 وفيتامين ب5 وفيتامين سي:
فهي من أفضل الفيتامينات لدعم الغدة الكظرية، لذا هو مفيد لتنظيم الكورتيزول.
- تناول حمض (GABA):
وهو حمض أميني مهم جدا لعمل الجهاز العصبي، وأهم ما يقوم به هو تنظيم وظائف الدماغ حتى تعمل بالشكل الصحيح، نظرا للتغير في وظيفة (amygdala). وبالطبع يقوم بتحسين جودة النوم وتقليل علامات التوتر، وخفض مستويات الكورتيزول، لذا فهو من أهم الأمور التي أنصح بها في حالات نوبات الهلع. جرعته القصوى هي 1200 ملجم يوميا، ويتم تناول جرعة لا تزيد عن 200 ملجم قبل النوم يتم احتسابها من ضمن 1200 ملجم.
- تناول مستخلصات النباتات التكيفية:
فهي الأفضل لتنظيم مستويات الكورتيزول، وأفضلها لهذه الحالة:
o زهرة الآلام (Passion flower)
فهي مفيدة جدا خاصة لو تم استخدامها مع حمض الجابا لأنها تعتبر معززا طبيعيا لعمل حمض الجابا، وإن لتناول العنصرين معا تأثير جيد جدا. يتم استخدامها لعلاج الاكتئاب ونوبات الهلع، حيث يتم وصفها كعلاج في أوروبا، وهي نبتة طبيعية لها فوائد كثيرة. جرعتها اليومية 350 ملجم - 1 جرام. للمزيد من المعلومات بإمكانكم العودة للحلقة والمقال الخاص بها.
o الأشواجندا:
من المعروف أنها من أهم النباتات لتنظيم مستويات الكورتيزول وتعزيز القدرة على التحمل، فهي تزيد القدرة على تحمل الضغوط النفسية والبدنية. وإني أتناولها قبل التمرين دائما، فهي تقلل إنتاج الكورتيزول في الجسم، ولها تأثير مشابه لمضادات الاكتئاب وتحسين المزاج التي يتم وصفها في العادة في حالات نوبات الهلع. وتكون جرعتها اليومية 600 ملجم.
o الباكوبا:
وهي نبتة الصفاء الذهني والتركيز والهدوء. وإني أنصح بها أي شخص يواجه مشاكل مرتبطة بالقلق أو التوتر أو التقلبات المزاجية. جرعتها اليومية تساوي 750 ملجم.
ليس من الضروري تناول هذه النباتات الثلاث معا، بل يمكن الاكتفاء بتناول نوع منها ليفي بالغرض.
أتمنى أن أكون قد استطعت توضيح الصورة وملأت إجابات العديد من الأسئلة التي لم يكن لها إجابات فيما يخص نوبات الهلع. وإن علاج نوبات الهلع باختصار أمر يتطلب الكثير من اليقظة والانتباه والوعي، وحل الصدمات النفسية والتعامل معها بشكل واع، وحل المشاكل الصحية التي تحفز تكرار نوبات الهلع، والبعد عن محفزات التوتر والشعور بالضغط، والتركيز على الأمور التي تستطيع تنظيم استجابات التوتر في الجسم.
بالطبع لست مدربة حياة أو خبيرة في مسألة العلاج بالصدمات، ولكن هناك مقال تحدثت فيه عن الأمر بإمكانكم الرجوع إليه.
لشراء المكملات المقترحة في هذا المقال من خارج مصر
فيتامين سي العضوي كبسولات من شركة Alive
فيتامين سي العضوي مسحوق من شركة Alive
مسحوق فيتامين سي كومبلكس من شركة nowfoods
كبسولات فيتامين سي كومبلكس من شركة nowfoods
فيتامين ب1 من الخميرة الغذائية
ومن داخل مصر:
