احمِ نفسك من الإصابة بالعقد الروماتويدية
إن كنت تعاني من التهاب المفاصل الروماتويدي فهذا المقال موجه لك، لأن هذه المشكلة من الممكن أن يصاب بها أي شخص مصاب بالروماتويد.
فالعقد الروماتويدية أو العقيدات (Rheumatoid nodules) هي مشكلة تواجه الكثير من مرضى الروماتويد، ولكن في الغالب لا يعرفون ماهيتها، أو طبيعتها، أو سبب ظهورها، وهل تتطور أم لا، وكيف من المفترض التعامل معها، وما هي مدى خطورتها.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
في الحقيقة هذه العقد هي حالة محيرة جدا، ولكنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وهي إحدى مضاعفات المرض.
فالتهاب المفاصل الروماتويدي هو اضطراب مناعي يصيب عددا كبيرا من الأشخاص، أنا كنت أحدهم، وأعلم كم هو مرض مؤلم وصعب، وكيف أن تفكيرنا يتمحور حول الهجمات والمضاعفات أكثر من الألم المستمر والاكتئاب وصعوبة القيام بالمهام اليومية. فننغمر في التساؤل: متى سيكون موعد الهجمة؟ هل سأستطيع التعايش معها أم ستطرحني في السرير؟ متى ستظهر الآثار الجانبية؟ كل ذلك خوفا من مضاعفات المرض، وهي أكثر الأمور رعبا في الإصابة بهذا المرض.
حيث تظهر مضاعفات المرض على شكل: تآكل وتشوه في المفاصل، ووصول الروماتويد لأعضاء حيوية أخرى في الجسم مثل العيون والرئتين، والإصابة باضطرابات مناعية أخرى، لأن الإصابة بخلل مناعي ما من الممكن تطوره لأكثر من نوع من الاضطرابات الأخرى. وأيضا ظهور العقيدات الروماتويدية (nodules)، وهي حالة شائعة بين مصابي الروماتويد، فقد يصاب بها حوالي 25% منهم. وعلى الرغم من شيوعها، إلا أن القليل جدا من تكلم عنها، لذلك ارتأيت أن أخصص لها مقالا لنفهم الأمر.
ما هي العقد الروماتويدية؟
هي أشكال دائرية صلبة إلى حد كبير، تشابه وجود كرة تحت الجلد عند المفصل، تكون في العادة غير مؤلمة أو يكون ألمها بسيط، تظهر دون مقدمات عند المفاصل الصغيرة مثل مفاصل أصابع اليدين والقدمين ومفصل الكوع ومفصل الكعب. كما قد تظهر أحيانا في أماكن غير ظاهرية مثل الرئتين والأحبال الصوتية، فلا تظهر سوى في الأشعة. ويتراوح حجم العقدة الروماتويدية بين 2-5 سنتيمتر، أي أنها من الممكن أن تبقى صغيرة وغير ملحوظة، أو تكبر ليصبح حجمها مثل ليمونة.
ماهيّة العقد الروماتويدية:
قد تتكون هذه العقد من إحدى هذه الأمور:
1- الفيبرين (Fibrin)، وهو بروتين مرتبط بتخثر الدم، يتسبب أحيانا في تلف الأنسجة، وبالتالي تظهر هذه العقدة.
2- خلايا جلد ميتة، تتكون من بروتينات تبدأ بتشكيل هذه العقد.
3- خلايا التهابية، وهي خلايا تعرضت لالتهاب شديد جدا، تسبب في حدوث ضرر ينتج عنه العقد الروماتويدية.
لماذا تتكون هذه العقيدات؟
تتكون هذه العقيدات عند بعض الأشخاص المصابين بالروماتويد بنسبة 25% فقط من المصابين. وذلك بسبب وجود عوامل تحفز ظهورها، لذا يجب الانتباه لذلك حال توفر الكثير من المحفزات، مثل:
- العلاج بالميثوتركسات:
فهو محرض قوي على ظهور هذه العقيدات. قد تتساءلون: ماذا سنفعل إذا؟ هل نوقفه؟ هذه الأسئلة تفيد بأنكم تتابعوني لأول مرة، فأنا قد تعافيت من الروماتويد دون تناول أدوية وعقاقير، بل عن طريق تغيير نمط الحياة؛ من غذاء صحي، وصيام متقطع، ومكملات غذائية، ورياضة. أنصحكم بقراءة هذا المقال الذي يحوي كل هذه التفاصيل من هنا .
- أن يكون معامل الروماتويد إيجابي (positive rheumatoid factor (RF))
فكل شخص يتم تشخيصه بطريقتين: الأولى بالتحليل المخبري، والثانية بالفحص السريري. فهناك من يقومون بعمل تحليل (RF) فتكون نتيجتهم سلبية على الرغم من وجود كل الأعراض الأخرى. هنا يتم اعتماد التشخيص السريري. بينما يظهر تحليل (RF) لدى أشخاص آخرين نتيجة إيجابية، وهنا لا نكون بحاجة لفحص سريري للتأكد. ويكون احتمال ظهور العقد الروماتويدية أكبر بكثير لدى أصحاب الفحص الإيجابي، حيث من النادر ظهور هذه العقد لدى الأشخاص ذوي التحليل السلبي. وذلك لأن تحليل (RF) الإيجابي معناه وجود بروتين الـ (RF) الذي يتسبب في ظهور هذه العقد.
- شدة المرض وطول فترة الإصابة:
كلما كان الروماتويد خارج نطاق السيطرة وكان حجم الالتهابات والهجمات أكبر ومتكررا أكثر كلما كانت فرصة ظهورها أكبر.
- التدخين:
أي شخص مدخن يكون معرضا لظهورها بشكل أكبر.
- الجينات والاستعداد الوراثي:
وهو أمر يلعب دورا كبيرا في إمكانية ظهورها. فشخص مثلي لديه استعداد وراثي لتخثر الدم، يجعل احتمالية التعرض للجلطات أعلى من شخص ليس لديه هذه الاستعداد.
طرق علاج العقد الروماتويدية، وطرق الوقاية من ظهورها:
قبل أي شيء الهدوء النفسي والاطمئنان بأنها في العموم ليست حالة خطيرة، ففي الغالب ليس لها مضاعفات ولا تكون مؤلمة، وإنها حالة لا تستدعي العلاج، ولكن الخوف من ازدياد حجمها أو ازدياد عددها أو حصول عدوى فيها، وهو ما لا نريد حصوله.
حين تظهر هذه العقد فهي عرض لمرض، وقد اعتدنا من خلال (wellbeing) التعامل مع أصل المشكلة (المرض) وليس العرض. وبما أن ظهور العقدة هو عرض لمرض الروماتويد وتوافر المحفزات الكافية لظهورها، لذا نبدأ التعامل مع المحفزات التي ذكرناها بالطرق التالية:
- بدء الاعتماد على العلاج الطبيعي والالتزام به للسيطرة على حالة الروماتويد حتى نبدأ في خفض جرعة الميثوتركسات ذو الأعراض الجانبية الأخطر من العقد الروماتويدية.
- السيطرة على مستويات الالتهاب التي تتسبب في ظهور العقد عن طريق الالتزام بنظام غذائي غير محفز للالتهاب مثل الكيتو أو الباليو أو منخفض الكربوهيدرات، إلى جانب الصيام المتقطع والتمارين الرياضية وتناول المكملات الغذائية اللازمة. فعندما نسيطر على الالتهابات فإننا نسيطر على الروماتويد نفسه وبالتالي على المضاعفات. ستجدون كل ذلك مشروح بالتفاصيل من هنا.
- التوقف عن التدخين الذي يزيد من عمليات الأكسدة في الجسم ونسبة الخلايا المتضررة بشكل كبير جدا. فعلى الرغم من حدوث عمليات الأكسدة وإنتاج الخلايا المتضررة في أجسادنا جميعا، إلا أن نسبتها لدى المدخنين أكبر بأضعاف من الطبيعي.
طرق التقليل من عمليات الأكسدة والخلايا المتضررة؟
أهم خطوة في سبيل ذلك هي الصيام المتقطع، وبالطبع بالتزامن مع اتباع نظام غذائي صحي وتناول المكملات الغذائية والقيام بالتمارين الرياضية. فالصيام المتقطع يحفز عملية الالتهام الذاتي، أي أن يتغذى الجسم على الخلايا المتضررة والتخلص منها، بالإضافة إلى تحفيز هرمون النمو لإنتاج خلايا جديدة سليمة وصحية.
وإن تحفيز عملية الالتهام الذاتي لإنتاج هرمون النمو تحتاج إلى صيام يزيد عن 16 ساعة على الأقل يوميا. وإن أفضل نمط للصيام المتقطع هو الـ (OMAD) أو صيام 23 ساعة ووجبة واحدة في اليوم. وإن الصيام المطول الذي يستمر لأيام هو الأفضل والأكثر فعالية، ولكن يجب أن يتم تحت إشراف مختص بذلك مع الحذر الشديد.
لمعرفة كيفية البدء بالصيام المتقطع بطريقة صحيحة وكيفية رفع عدد ساعات الصيام بالتدريج اقرأ المقال الخاصة به من هنا.
هل ستختفي العقد الروماتويدية في حال تطبيق كل ما تم ذكره؟
إن الهدف الرئيسي هو عدم زيادة هذه العقد ومنع تحولها لأنها تكون مؤلمة. أما اختفاؤها فذلك مختلف من شخص لآخر، فالبعض اختفت منهم العقد والبعض الآخر لم تختف. ولكن طالما كانت غير مؤلمة ولا تضغط على المفاصل وليس فيها احمرار أو تورم فلا يوجد قلق منها أو مشكلة.
أما في حال كانت موجودة بالفعل وحجمها كبير وتضغط على الأعصاب أو المفاصل، أو كان فيها احمرار أو تورم فالحل هنا هو التدخل الجراحي لإزالتها، ولكن الفكرة أنها من الممكن أن تعود مرة أخرى. ولو قال لك أحدهم من الممكن حقنها بالكورتيزون وبالتالي حجمها سيقل أو ستختفي، فهذا حل لا أنصح باللجوء إليه أبدا.
هل هذه العقد مرتبطة فقط بالروماتويد؟ وهل لو ظهرت فمعناه حتما إصابتي بالروماتويد؟
الحقيقة أنه في غالبية الحالات تكون هذه العقد مرتبطة بالإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي. ولكن لو لكن الشخص مصابا بالروماتويد -بعد إثبات سلبية الفحص السريري والفحص المخبري- فقد يكون ذلك مؤشرا أو دليلا على الإصابة بمشاكل صحية أخرى مثل الخراجات الجلدية أو النقرس.
وأخيرا، كما أقول دائما، إن درهم وقاية خير من قنطار علاج، فلو كنت شخصا غير مصاب بالروماتويد فعليك حماية نفسك منه. وإن كنت شخصا مصابا بالروماتويد ولم يظهر عليك بعد فستستطيع منع ظهوره من خلال السيطرة على الالتهاب، ولو كنت شخصا لديه عقدا روماتويدية فعليك أن تجعل المرض تحت السيطرة بالطرق التي ذكرناها.
