
سر جمالك الدائم وأسرار مكافحة الشيخوخة
الشيخوخة هي حالة من الضعف والتدهور التدريجي في العمليات البيولوجية داخل الجسم. وبمعنى أدق، هي ضعف في قدرات التجدد والإصلاح، مما يؤدي إلى تراجع كفاءة العديد من الأعضاء الحيوية مثل الكبد، الكلى، القلب، الدماغ، الجهاز العصبي، والجهاز المناعي.
متى تبدأ أعراض الشيخوخة؟
وعندما تبدأ وظائف هذه الأجهزة في التراجع والتدهور، تبدأ أعراض الشيخوخة بالظهور، وتتمثّل في الأمراض التي تُعرف اليوم بـ"الأمراض المزمنة".
هذه الأمراض كانت في السابق تُرتبط بمرحلة الشيخوخة، لأنها لم تكن شائعة الحدوث في سنّ الشباب، إلا أن هذا المفهوم تغيّر في الوقت الحالي.
لذا، فإن الشيخوخة في جوهرها لا تتعلّق بالسنّ بقدر ما تتعلّق بمدى قدرة وكفاءة الجسم على تنفيذ عمليات تجديد الخلايا والأنسجة وإصلاحها.
مركب طبيعي لمكافحة الشيخوخة
فإذا وجدنا مركبًا طبيعيًا قادرًا على مكافحة المشكلات التي تؤدي إلى حدوث عملية الشيخوخة، فسأكون أول من يبدأ باستخدامه، لأنني لست من هواة البوتوكس أو الفيلرز، ولا أنوي تناول الأدوية لأي سبب، بصراحة. لذلك، ليس من مصلحتي تجاهل مركب كهذا.
سأتحدث معكم اليوم عن أفضل مركب طبيعي لمحاربة الشيخوخة والمشكلات الصحية المرتبطة بعمليات التقدّم في السن الريسفيراترول.
الريسفيراترول فوائد مذهلة
ُيعد الريسفيراترول واحدًا من أقوى المركبات النباتية الطبيعية في محاربة الشيخوخة، كما يُعتبر من أقوى مضادات الأكسدة ومضادات الالتهاب. فلنلقِ نظرة، خطوة بخطوة، على آليات عمله، ولمن يمكن أن يكون مفيدًا.
- الالتهام الذاتي
في رأيي، أهم ما يفعله الريسفيراترول هو أنه يعزز عمليات الالتهام الذاتي (Autophagy).
كنا قد تحدثنا سابقًا عن الميتوكوندريا، وهي وحدات إنتاج الطاقة داخل الخلية، وذكرنا أن كفاءة عمليات تجدد الميتوكوندريا تنعكس إيجابًا على أداء الوظائف الحيوية في الجسم.
الميتوكوندريا تتجدد من خلال عملية تُعرف بـ"الالتهام الميتوكوندري" (Mitophagy)، وهي نوع محدد من أنواع الالتهام الذاتي، يستهدف الخلايا التالفة من الميتوكوندريا، ويساعد الجسم على التخلص منها واستخدامها كمصدر للطاقة.
- انخفاض وظائف الميتوكوندريا وأضرارها
إزالة الميتوكوندريا التالفة تعزز من صحة الميتوكوندريا السليمة، وتزيد من قدرة الجسم على إنتاج وحدات جديدة. وكلما تمت هذه العمليات بكفاءة أعلى، كلما تراجعت فرص الإصابة بالأمراض المرتبطة بانخفاض وظائف الميتوكوندريا، مثل ضعف عمليات استقلاب الطعام (أو ما نطلق عليه "الحرق")، وما يتبعه من مشكلات صحية مثل اضطرابات الغدد، السمنة، مرض السكري، وكذلك أمراض التنكس العصبي.
المواد الطبيعية التي تعزز الالتهام الذاتي قليلة جدًا، وغالبًا ما تتطلّب مجهودًا كبيرًا، مثل الصيام لفترات تتجاوز 16 ساعة، أو ممارسة التمارين الرياضية.
أما الريسفيراترول، فيقوم بالدور نفسه؛ إذ يعزز عمليات الالتهام الذاتي، ليس فقط من خلال تحسين صحة الميتوكوندريا، بل أيضًا من خلال تثبيط البروتينات التي تعيق هذه العمليات، كما يعزز نشاط بروتينات SIRT1، وهي بروتينات ترتبط بطول العمر وتنظيم الالتهام الذاتي.
هذا كل ما لدي في هذا الموضوع.
الريسفيراترول والالتهام الذاتي
تأثيرات الريسفيراترول على الالتهام الذاتي تُعد سببًا مباشرًا في فوائده المتعددة على مختلف المشكلات الصحية، خصوصًا تلك المرتبطة بارتفاع معدلات الالتهاب. فالشيخوخة، في جوهرها، ما هي إلا حالة من الالتهاب منخفض الشدة، لكنها مزمنة بدرجة أعلى مما يحدث في سنّ الشباب، لأن الجسم في المراحل العمرية الأصغر يمتلك قدرة أفضل على الإصلاح والتجدد.
الجهاز المناعي والريسفيراترول
ومن هذا المنطلق، يمكننا الحديث عن الجهاز المناعي، حيث يُظهر الريسفيراترول تأثيرات مدهشة فيما يتعلق بتقوية المناعة، وتحفيز الجهاز المناعي على التعرف على الأجسام الممرِضة ومواجهتها بشكل أكثر فاعلية. وهذا يندرج تحت ما يُعرف بـ"تعديل وظيفة المناعة"، أي تحسين استجابة الجهاز المناعي والمساهمة في علاج أمراض المناعة الذاتية مثل الروماتويد، الذئبة، التصلب المتعدد، وأمراض الأمعاء الالتهابية، وغيرها.
ويرجع ذلك إلى أن الريسفيراترول يقلل من مستويات الالتهاب، وفي الوقت ذاته يُسهم في تعديل الاضطرابات التي تؤدي إلى مهاجمة الجهاز المناعي لأعضاء الجسم عن طريق الخطأ.
وعند الحديث عن الروماتويد والتهابات المفاصل، فقد سبق أن أشرنا إلى أهمية الريسفيراترول في دعم إعادة بناء الغضاريف، ومنع تدهورها، من خلال تعزيز تكاثر خلايا الغضروف، وتثبيط التغيرات التي تصيب الميتوكوندريا داخل هذه الخلايا، والتي تُسهم في تدهور حالتها.
لذا، إن كنت تعاني من مشكلة مرتبطة بخشونة المفاصل أو تآكل الغضاريف.
الريسفيراترول ومحاربة السرطان
أود أن أتحدث معكم قليلًا عن مدى أهمية الريسفيراترول كمركب فعّال في محاربة السرطان.
فبالإضافة إلى كونه مضادًا قويًا للأكسدة، ومضادًا للالتهاب، ومقويًا للمناعة، ومعززًا لعمليات الالتهام الذاتي، وهي جميعها عمليات أساسية في مكافحة السرطان، إلا أن له تأثيرات إضافية أخرى.
يمتلك الريسفيراترول القدرة على تثبيط نمو وتكاثر الخلايا السرطانية، من خلال تنظيم بعض البروتينات، وتعزيز عمليات موت الخلايا المبرمج، وهي العملية التي لا تعمل بالشكل الصحيح في الخلايا السرطانية، مما يسمح لها بالتكاثر.
إذا كان لديك تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان، فأنت بحاجة إلى العمل على الوقاية بشكل أكبر من أي شخص آخر. العامل الوراثي وحده ليس حاسمًا، لكنه أيضًا لا يمكن تجاهله.
لذا، سواء كنت مصابًا أو تسعى للوقاية، يمكنك استخدام الريسفيراترول بانتظام.
الريسفيراترول وعلاج التنكس العصبي
أما بالنسبة لأمراض التنكس العصبي، والتي يلعب العامل الوراثي دورًا في ظهورها أيضًا، فزيادة الالتهاب، والتقدم في السن، وتلف الميتوكوندريا، وضعف قدرة الجسم على التخلص من الميتوكوندريا التالفة، كلها عوامل تساهم بشكل كبير في حدوث تلك الأمراض، وتؤثر في سرعة تدهورها.
- علاج الزهايمر
الريسفيراترول يعمل على إصلاح هذه المشكلات مجتمعة، ويمنع تراكم بروتينات "الأميلويد" في الدماغ، والتي تُعد من أهم مسببات مرض الزهايمر. كما يعزز مستويات الدوبامين وينظّمها، ومن المعروف أن اضطراب مستوى الدوبامين يُعد أحد العوامل الأساسية المرتبطة بمرض باركنسون وعلاجه.
كذلك، يتميز الريسفيراترول بخصائص تحمي الخلايا العصبية من التلف، ويقوم بتثبيط الإنزيمات التي تسبب تحلل البروتينات العصبية.
- علاج أمراض التقدم بالسن
ومن بين المشكلات المرتبطة بالتقدم في السن أيضًا: أمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع احتمالية الإصابة بالجلطات. وكما ذكرنا من قبل، فإن السبب في ذلك ليس ارتفاع الكوليسترول وحده، كما اعتاد كثيرون أن يعتقدوا، بل الالتهابات المزمنة هي السبب الأساسي، والتي ترفع مستويات الكوليسترول، مما يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث الجلطات عندما يجتمع العاملان معًا.
الريسفيراترول يعزز من مرونة الأوعية الدموية واتساعها، ويُحسن من تدفق الدم، وهو ما يُقلل من فرص حدوث الجلطات. كما يقلل من عدد الصفائح الدموية، والتي تُعد من العوامل الأساسية في تكوّن الجلطات.
والآن دعونا ننتقل إلى نقطة مهمة
ما هي أهمية الريسفيراترول في تأخير ظهور الخطوط والتجاعيد وعلامات التقدم في السن؟
نحن نعلم أن تقدم السن يؤدي إلى انخفاض قدرة الجسم على إنتاج الكولاجين بالكفاءة التي كان ينتجه بها في سنّ أصغر، وهو ما يسبب ظهور التجاعيد.
فإذا وُجد عنصر قادر على مساعدة الجسم في الحفاظ على مستويات الكولاجين، فمن الطبيعي أن يُساهم ذلك في تقليل ظهور علامات التقدم في السن.
الريسفيراترول يثبط الإنزيمات التي تُسبب تكسّر الكولاجين، وفي الوقت نفسه يعزز من إنتاجه. كما يُقوي حاجز البشرة، وهو أمر ضروري للحفاظ على ترطيب الجلد، في حين أن جفاف البشرة يُعد من أبرز العوامل التي تُسرّع ظهور علامات الشيخوخة.
لذلك، يمكنك اعتبار الريسفيراترول جزءًا من روتين العناية بالبشرة الخاص بك.
مصادر وجود الريسفيراترول
يوجد الريسفيراترول طبيعيًا في العديد من المصادر مثل قشور العنب الأحمر، وفي التوتيات المختلفة، وفي الشوكولاتة الداكنة، لكن تركيزه في هذه المصادر يكون ضئيلًا جدًا، ولا يمكن أن يحقق النتائج التي تحدثنا عنها.
الجرعة
لذلك، يجب الحصول عليه من خلال المكملات الغذائية. والجرعة اليومية تصل إلى 500 ملغ.
المحاذير
ولا توجد محاذير كثيرة لاستخدام الريسفيراترول، لكن يُفضل تجنّبه في حال تناول أدوية مسيّلة للدم، وخاصة دواء "الوارفارين".