الهبات الساخنة (Hot flashes) والتعرق الليلي
"لا أعلم لماذا أشعر بالحر الشديد فجأة، خاصة وجهي ورقبتي، وتصبح دقات قلبي أسرع، وأتعرق بشكل كبير جدا، لأعود إلى حالتي الطبيعية مرة أخرى بعد خمس دقائق كأنه لم يحدث شيئا، فما الذي يحصل؟"
لا تقلقي، فلو كان هذا الأمر يحدث وأنتِ في المرحلة العمرية بين الأربعين والخمس وخمسين فأنتِ تعانين من أحد أعراض فترة انقطاع الطمث التي تسمى بالهبّات الساخنة. هذه الهبّات تعاني منها الكثيرات، وهي أمر طبيعي وجزء من هذه المرحلة العمرية، ولكنها تدل في الحقيقة على وجود مشكلة معينة.
لذا سأتحدث في هذا المقال عن الهبات الساخنة، لنفهم ماهيتها، وسبب حدوثها ولماذا تحدث، وما هي دلالتها؟ وكيف نتعامل مع هذه المشكلة والسيطرة عليها دون أية علاجات هرمونية.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
الهبّات الساخنة وأعراضها:
هي شعور بالحرارة الآتية من داخل الجسم، وليس من أي مصدر خارجي. تحدث بشكل مفاجئ في أي وقت وأي مكان. ليست مرتبطة بظروف معينة أو أمر معين. يتم الشعور بهذه الحرارة في الجزء العلوي من الجسم؛ أي الوجه والرقبة والصدر، حيث يستمر هذا الشعور لثواني أو دقائق، لتعود درجة حرارة الجسم بعد ذلك إلى طبيعتها مرة أخرى. فمن الممكن الشعور بتسارع في ضربات القلب، أو ضيق التنفس، أو دوار، أو احمرار المناطق التي فيها سخونة.
فلو كنتِ في المرحلة العمرية بين الأربعين والخمسة وخمسين فهذا يعني أنك تمرين بالهبّات الساخنة المرتبطة بانخفاض الهرمونات المصاحب لفترة انقطاع الطمث، ولكن لو كنتِ أصغر من ذلك فذلك يعني أنه عليك البدء بعمل الفحوصات الخاصة بالغدة الدرقية وسرطان الرحم.
هل يجب أن تعاني جميع الإناث من الهبّات الساخنة؟
كلا، لا يجب حدوثها للجميع، ولكن نسبة كبيرة جدا من الإناث معرضات لها، ويستمر تكرارها من أسابيع قليلة إلى سنين. فقد تعاني بعض السيدات من هذه الهبّات لمدة سنوات، ولكن يختلف معدل تكرار الهبّات وشدتها من أنثى لأخرى، حيث من الممكن أن تتكرر مع ذات الأنثى في اليوم الواحد، وتعاني منها أنثى أخرى مرة كل يوم أو يومين، وأنثى ثالثة تعاني منها كل أسبوع أو أكثر، لذا فالأمر متباين.
لماذا تحصل هذه الهبّات؟
قد يكون هذا الشرح مملا للبعض وغير مفيد لهن، ولكن هدفي هو جعلك تفهمين ما يحدث في جسمك، وكيف من الممكن أن يؤثر ذلك عليكِ، فهذا هو المهم، لأن معظم الإناث من فتيات وسيدات لم يجدن أحدا يعمل على توعيتهن عن أجسادهن على الرغم من وجوب بدء هذه العملية منذ الطفولة المبكرة، مما يسبب لهن خللا وسوء فهم لأجسادهن بشكل كبير. لهذا السبب أحاول الاهتمام بتناول الموضوعات الخاصة بصحة المرأة. فإن كنتِ في مرحلة انقطاع الطمث أو ما قبلها فأرجو منكِ التركيز بما أشرحه، لأن ذلك من شأنه تسهيل مرورك في هذه المرحلة دون حدوث مشاكل، أو تحويلها إلى فترة سيئة جدا لتبدأ جميع مشاكلك منها، بناء على كيفية تعاملك معها.
إن مرحلة ما قبل انقطاع الطمث تبدأ لدى أغلب السيدات منذ النصف الثاني من الأربعينات -أي بعد سن الخامسة والأربعين- وهناك سيدات يبدأ انقطاع الطمث لديهن في موعد أبكر، أي منذ النصف الأول من الأربعينات، وهناك سيدات يتأخر انقطاع الطمث لديهن حتى بداية الخمسينات، ويكون ذلك تبعا لجسم كل أنثى، وتاريخها مع التغذية والمشاكل الصحية واستخدام وسائل منع الحمل الهرمونية.
ومن المعروف تميز هذه المرحلة بتغير كبير في الهرمونات الجنسية، حيث تقل الهرمونات التي تنتجها المبايض ومنها الأستروجين. هذا الانخفاض في مستويات الأستروجين يؤثر على منطقة في الدماغ تسمى تحت المهاد (Hypothalamus)، هذه المنطقة تعتبر ميزان حرارة الجسم، حيث تكون مسؤولة عن الحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية. فحين يحدث هبوط الأستروجين، تصبح منطقة تحت المهاد أكثر حساسية لدرجة حرارة الجسم، حيث ترصد أي ارتفاع ولو كان طفيفا جدا في درجة حرارة جسدك، فتبدأ بتفعيل تقنية معينة تعمل على تبريد الجسم مهما كان السبب في ذلك، سواء كان بسبب ثقل الملابس، أو ضيقها، أو الجو الحار، أو متابعة فيلم تسبب في توترك، أو عدم نومك، أي سبب من الممكن ألا تلاحظيه.
إن الغرض من الهبات الساخنة هو تبريد الجسم، حيث يحصل زيادة في ضربات القلب وتوسع في الأوعية الدموية حتى يستطيع الجسم التخلص من درجة الحرارة الزائدة عن طريق التعرق، فيحصل ترطيب للجسم. لذلك دائما ما تكون الهبات الساخنة مصحوبة بظاهرة التعرق الليلي، حيث تحدث الهبة أثناء النوم ليبدأ بعدها التعرق.
لماذا تحدث الهبّات الساخنة؟ ولماذا تحدث لسيدات دون الأخريات؟
السبب في ذلك هو الغدة الكظرية، فوظيفة الغدة الكظرية تتعدى إنتاج الكورتيزول وهرمونات التوتر، حيث تقوم بإنتاج الهرمونات الجنسية ذاتها التي تقوم المبايض بإنتاجها. ففي هذه المرحلة العمرية من المفترض أن تكون الغدة الكظرية هي الداعم للمبايض حين يقل إنتاجها للهرمونات الجنسية. حيث تبدأ الغدة الكظرية بدعم إنتاج هذه الهرمونات حتى يستمر الجسم في حالة توازن. قد لا تستطيع الغدة تعويض جميع معدلات الهرمونات التي كانت تنتجها المبايض، ولكنها تحافظ على التوازن الذي يجعلك تمرين في هذه المرحلة بسلام دون مضاعفات أو أعراض مزعجة.
أي أنك حينما تصلين سن الخمسين ستتوقف الدورة الشهرية، لأنك قد تخطيتِ المرحلة العمرية الخاصة بالإنجاب. ولكن في ذات الوقت، ليس من المفترض عند انقطاع الدورة أن تعاني من الهبات الساخنة والتعرق الليلي والاكتئاب والأرق والجفاف المهبلي وهشاشة العظام وآلام المفاصل والسكري التي تحدث نتيجة التغير الهرموني العنيف الذي يحدث في هذه المرحلة.
ما الذي يجعل الغدة الكظرية لا تقوم بوظيفتها بشكل جيد؟
السبب هو الإجهاد الكظري الذي تحدثت عنه سابقا. والذي يعتقد البعض أنه لا يوجد إجهاد كظري طالما كانت الغدة لم تتوقف عن العمل. تماما كما يقلن عشرات السيدات أن هناك مشكلة بسيطة في تحاليل الغدة، فيقولون لهن أنهن يعانين من خمول بسيط جدا، وأنه عليهن عمل تحاليل كل فترة للتأكد من عدم زيادة هذا الخمول، وأنه سيتم إعطاؤهن علاجا حين زيادته.
يحصل الإجهاد الكظري حينما تكون الغدة الكظرية مستهلكة بشكل تام بسبب زيادة الضغوط والتوتر لفترات طويلة جدا تفرز فيها الغدة هرمونات التوتر دون توقف ودون تقديم أي نوع من أنواع الدعم. ومثل أي شيء في هذه الدنيا، تعاني الغدة من الإرهاق بعد فترة وتعاني من الإجهاد، وتستمر بأداء وظيفتها بالحد الأدنى من الكفاءة. وحينما يتم وضع حمل جديد عليها فإنها تتوقف تماما عن الإنتاج، لتنزل مستويات الهرمونات دون أي دعم من الغدة الكظرية، لتحدث جميع المشاكل الذي ذكرتها منذ قليل. فإن كنت قد دخلت الأربعين أو تمرين بمرحلة انقطاع الطمث أو ما قبلها، فعليك الاهتمام بغدتك الكظرية لتخطي هذه المرحلة بسلام.
ما الذي يتوجب فعله؟
- أولا دعم الغدة الكظرية.
- التركيز على الأمور التي تدعم توازن الهرمونات لديكِ.
ما هي الأمور الخاطئة التي ترتكبينها في يومك من شأنها تدمير الغدة الكظرية؟
1- التوتر:
فإنك في مرحلة عمرية تتسم بالهدوء، ليس فيها أطفال أو توتر عمل أو دراسة. لذا لو كان هناك ما يجعلك في حالة توتر طوال الوقت فعليك التخلص منه.
2- قلة النوم:
إن قلة النوم تدمر الغدة الكظرية لأنها تجعل هرمونات التوتر مرتفعة طوال الوقت. بالإضافة إلى الإفراط في شرب المنبهات من القهوة والشاي والقهوة العربية. حيث عليك الاكتفاء بشرب القهوة مرة واحد في الصباح قبل الظهر.
3- زيادة الوزن:
إن كان لديك وزنا زائدا وكان السكر التراكمي لديك عال بعض الشيء فذلك يعني الوصول إلى الحدود وأنك تعانين من مقاومة الأنسولين، أو الضغط المرتفع، أو الدهون. لذا يجب الاهتمام بحل هذه المشكلة لأن الدراسات قد ربطت بين الإصابة بالمتلازمة الأيضية وزيادة الوزن وحدوث الهبات الساخنة. للمزيد من التفاصيل عن المتلازمة الأيضية عودوا إلى الحلقة والمقال الخاص بها.
أهم ما يجب فعله لدعم الغدة الكظرية:
القيام بالتمارين الرياضية:
فهي الأفضل في ضبط مستويات هرمونات التوتر. ولا يتوجب عليك حمل الأوزان أو الذهاب إلى النادي الرياضي، فالقيام بتمارين خفيفة في المنزل بشكل يناسب حالتك الصحية سيكون كافيا.
- تناول فيتامين سي، وفيتامين ب5، وحمض البانتوثينيك.
فالغدة الكظرية تحتاج إلى تراكيز عالية جدا من فيتامين سي، لذلك هي بالفعل تمتلك أعلى تراكيز من فيتامين سي بين جميع الأعضاء. وإن دون فيتامين ب5 تصاب الغدة الكظرية بالانكماش، لذا فهو مهم جدا. ويحتاج الجسم في هذه الحالة إلى 1 جرام من فيتامين سي كومبلكس بشكل يومي مع 500 ملجم من فيتامين ب5.
- تناول عشبة كف مريم التي تمنع الهبوط المفاجئ والعنيف في الأستروجين.
ويتم تناولها كعشبة يتم صنع كوب منها يوميا مثل الشاي، أو تناولها على شكل مكمل غذائي.
- تناول العرقسوس
الذي يعتبر من أهم النباتات على الإطلاق في دعم الغدة الكظرية وضبط مستويات الكورتيزول، وقد أكدت الدراسات بالفعل أنه يعمل على التقليل من وتيرة تكرار الهبات الساخنة، وفي ذلك تأكيد على الرابط بين الغدة الكظرية والإجهاد الكظري وأعراض ما قبل انقطاع الطمث. ولكن لا يجب تناول العرقسوس في حال المعاناة من الضغط المرتفع أو وجود مشاكل في الكلى. ويتم شرب كوب منه يوميا يتم صنعه مثل الشاي، أو تناوله على شكل مكملات غذائية في حال عدم استساغة طعمه.
- تناول النباتات التي تدعم مستويات الهرمونات الطبيعية، وهي:
o حشيشة الملاك الصينية (Dong quai):
وهي مهمة لحل مشكلة الهبات الساخنة، حيث أنها تعتبر البديل الطبيعي والصحي للعلاج الهرموني والعلاج بمضادات الاكتئاب التي يتم وصفها للهبات الساخنة، ذلك لأنها تعمل على مستقبلات السيروتونين تماما مثل مضادات الاكتئاب، كما أنها تعزز مستويات الأستروجين بشكل طبيعي.
وقد أجريت دراسة على مجموعة من السيدات اللواتي يعانين من مشكلة الهبات الساخنة مدتها ثلاثة أشهر تم قسمها إلى مجموعتين: مجموعة تناولت دواء وهميا، ومجموعة تناول العشبة. وقد أظهرت النتائج تحسنا كبيرا جدا في شدة ووتيرة تكرار الهبات الساخنة للمجموعة التي تناولتها.
جرعتها اليومية 1000 ملجم، يتم منع استخدامها في حالات الأورام الليفية أو وجود تاريخ مع السرطانات الحساسة للأستروجين مثل سرطان الثدي أو الرحم أو المبيض، كما أنه ممنوع استخدامها مع الأدوية المسيلة للدم.
o نبتة الثعبان الأسود (Black cohosh):
أجريت دراسة على 120 سيدة أكدن أن هذه النبتة كانت فعالة في تقليل الهبات الساخنة بشكل أكبر من عقار (البروزاك) المضاد للاكتئاب الذي يتم ووصفه لعلاج الهبات الساخنة، والذي يسبب العديد من الأعراض الجانبية. جرعتها اليومية تساوي 500 ملجم، ولكن يمنع استخدامها في حال وجود مشاكل في الكبد.
الغريب في الأمر أني قرأت مقالا على إحدى المواقع العلمية المحترمة يقول: لا يجب أن ننصح باستخدام نبات (Black cohosh) لأنه من الممكن أن يؤذي الكبد في حالات نادرة جدا، ولكن ننصح بالاتجاه للعلاج الهرموني (HRT - Hormonal replacement therapy) لأنه معتمد.
كان ذلك دون ذكر الظروف التي من الممكن أن تسبب هذه الحالات، أو الجرعات أو مدة وظروف الاستخدام، بينما يتم النصح بعلاج هرموني يجعل الإناث أكثر عرضة للإصابة بالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغية والاكتئاب.
يراودني سؤال مهم جدا مع طرح فكرة العلاج الهرموني:
إن كنت أعاني من أعراض ما قبل انقطاع الطمث، فهل من المفترض أن أحاول موازنة هرموناتي المناسبة لمرحلتي العمرية التي أمر بها، مع تقديم الدعم للأعضاء المسؤولة عن ذلك، أم أنه يتوجب علي تناول هرمونات من المفترض أن تكون لدى فتاة في عمر العشرين أو الثلاثين عاما بينما جسدي ليس كذلك؟! أليس من الطبيعي أن يتسبب ذلك في حدوث طفرات غير طبيعية والإصابة بالسرطانات لأنه في الأساس ليس مناسبا لي وغير طبيعي.
في الحقيقة إني أرى أن معظم العلاجات الهرمونية التي يتم وصفها للسيدات هي عمليات قتل عشوائية لأن عواقبها على المدى البعيد واضحة ومعروفة ولا أدري لماذا لا أحد يتحدث عن الأمر.
أعلم أنه ليس بقدرة جميع السيدات تنفيذ ما ذكرته بحذافيره، ولكن يجب محاولة تنفيذ أكبر قدر ممكن منه، أو الحصول على المتاح أو ما كان بالاستطاعة الحصول عليه. فهذه الأمور لن تخلصك من الهبات الساخنة فقط، فالهبات الساخنة مجرد عرض، ولكن الأهم أنك ستقدمين الدعم المطلوب للغدة الكظرية، وتدعمين هرموناتك، وهذا ما تحتاجينه لتجنب جميع المشاكل الصحية المرتبطة باضطراب الهرمونات الجنسية وتخطي هذه المرحلة بسلام.
لشراء المكملات المقترحة في هذا المقال من خارج مصر
فيتامين سي العضوي كبسولات من شركة Alive
فيتامين سي العضوي مسحوق من شركة Alive
مسحوق فيتامين سي كومبلكس من شركة nowfoods
كبسولات فيتامين سي كومبلكس من شركة nowfoods
ومن داخل مصر:
