الدهون وكمياتها في نظام الكيتو
تردني أسئلة كثيرة عن طريقة حساب الدهون في حمية الكيتو..
- كم ملعقة زبدة وزيت مسموح بتناولهم خلال اليوم؟
- أنا أتناول ملعقة واحدة من الزبدة في كل وجبة، فهل هذا صحيح؟
- لقد وصف لي الطبيب ستة ملاعق من السمن البلدي كل يوم، فهل ذلك صحيح؟
إن موضوع حساب الدهون مربك قليلا، كما أن بعض الأشخاص لا يعلمون كيف يحسبون الكمية، أو أنهم لا يعلمون كم هي الكمية اللازمة في حمية الكيتو.
ما هي حمية الكيتو؟
هي نظام غذائي صحي علاجي منخفض الكربوهيدرات وعالي في الدهون. تعتمد آلية عمله على تحويل اعتماد الجسم على طاقة الدهون بدلا من طاقة السكر بشكل دائم، وليس لفترة قصيرة فقط.
تجد معلومات أكثر عن كيفية تطبيق نظام الكيتو هنا
لماذا هو نظام غذائي صحي علاجي؟
لأنه يعتمد على كميات كبيرة من الدهون الصحية، غير المتحولة، وبالتالي فهي لن تتسبب في تصلب الشرايين أو أمراض القلب. كما أن السكر والكربوهيدرات والدهون المهدرجة والمتحولة التي تتسبب فعليا في أمراض القلب ممنوعة تماما من نظام الكيتو.
كما أنه يعالج مشاكل صحية كثيرة مرتبطة بسكر الدم وهرمون الأنسولين وارتفاع نسبة الالتهابات التي يتسبب فيها السكر.
لماذا تعتمد حمية الكيتو على طاقة الدهون بدلا من السكر؟
إن جسم الإنسان يحتاج إلى طاقة ليعيش ويتنفس ويتحرك ويقوم بكل وظائفه الحيوية. وإن مصادر الطاقة نوعان: السكر، والدهون. مع العلم أن الجسم لا يستطيع الاعتماد على مصدرين من الطاقة في ذات الوقت.. فإما السكر أو الدهون.
فإذا قدمت لجسدك السكر والدهون في ذات الوقت فسيعمل جسدك على حرق السكر، وتخزين الدهون، فلا يتم حرق الدهون إلا في غياب السكر.
لذا عند البدء بحمية الكيتو يجب إيقاف تناول الكربوهيدرات، وألا تزيد نسبتها عن 5%، أي 20 جراما فقط. وذلك حتى يعتمد الجسم على الدهون كمصدر للطاقة؛ سواء كانت مخزنة في الجسم، أو من ضمن الوجبات اليومية.
أهم الأخطاء في حمية الكيتو:
- اختيار نوع الدهون:
إن الزيوت النباتية لا تخرجنا من نظام الكيتو، ولكنها غير صحية، ذلك لأنها تتصدر قائمة محفزات الالتهابات في الجسم لاحتوائها على دهون أوميجا 6 بكميات مرتفعة. مما تتسبب في تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم ورفع احتمالية الإصابة بأمراض القلب والجلطات.
وإن استبدال الدهون الصحية بالزيوت النباتية ليس مكلفا حين يتم تناول الكميات المناسبة من الدهون الصحية، لأننا بحاجة إلى كميات بسيطة فقط.
هنا تجد قائمة شاملة للمنوعات المسموحات في نظام الكيتو دايت
- عدم استخدام الدهون:
فالبعض يقوم بوقف الكربوهيدرات والسكريات تماما مع تناول اللحم الأحمر أو الأبيض والخضار ولكن دون دهون. ذلك رغبة بفقد الوزن بشكل سريع. وذلك أمر خاطئ تماما.
تخيل مثلا سيارة تعمل بالكهرباء أو بالبطاريات، فنزعت قابسها من الكهرباء ولم تضع البطاريات، ثم تنتظرها لتعمل! كيف ستعمل دون مصدر للطاقة؟
هذا ما يحصل للجسم عند حرمانه من مصادر الطاقة، وعدم إمداده بالمحفز اللازم ليعتمد على الطاقة المخزنة (الدهون المخزنة في الجسم). هنا يشعر الجسم بأنه دخل في مجاعة، فيعمل على خفض معدل الحرق، وتحويل البروتين إلى سكر، ويخزنه، فلا تستطيع فقدان الوزن. لذا يجب تناول الحد الأدنى من الدهون الصحية لتحفيز الجسد على حرق الدهون للحصول على الطاقة.
- تناول دهون كثيرة دون حساب:
إن تناول الدهون دون حساب يضع على الجسم حملا ثقيلا لأنه لن يستطيع التعامل مع كل هذه الدهون، ولن يستطيع امتصاصها، مما يسبب الكثير من المشاكل، ولا يعطي الفرصة للجسم لحرق الدهون المخزنة، وبالتالي لن يفقد الوزن.
أما الصحيح فهو تناول الكمية المناسبة لتحفيز الجسم على الاعتماد على الدهون كمصدر للطاقة، فيبدأ بحرق الدهون المخزنة حينما تنتهي كمية الدهون التي تم اكتسابها من الطعام.
أهم أنواع الدهون الصحية في حمية الكيتو:
- شحوم الحيوانات: وهي الدهون التي تكون موجودة مع البروتين نفسه. كالتجزيعات الدهنية في اللحم، والدهون الموجودة في الأسماك، وجلد الدجاج أو أي نوع كان من الطيور التي نأكلها.
- الدهون الصريحة الحيوانية: الزبدة والسمن الحيواني.
- الدهون الصريحة النباتية: زيت الزيتون وزيت جوز الهند وزيت الـ (MTC) وزيت السمسم، وزيت الأفوكادو، والطحينة.
- الدهون التي تدخل في تركيبة الطعام نفسه: مثل الأفوكادو، والمكسرات، والزيتون، والجبن.
لماذا يحصل الخلل في حساب كمية الدهون؟
- عدم العلم بطريقة حساب الكمية المناسبة.
- أن الدهون كثيرا ما تتداخل مع البروتين والكربوهيدرات، وبالتالي لا نعلم على وجه التحديد كمية الدهون التي تناولناها أو الكمية الواجب تناولها من النوع الفلاني (مثل المكسرات والجبن).
كيف نعلم كمية الدهون اللازمة؟
إن حصص المغذيات الرئيسية (Macros) في حمية الكيتو تساوي:
70-75% دهون، و20% بروتين، و5% كربوهيدرات.
ومن هنا يأتِ الخلل في فهم الكمية. فنحن نتكلم عن النسبة من الوجبة الغذائية، ولكن لا يوجد رقم محدد بالغرامات، لأن ما أحتاجه أنا يختلف عن احتياجك.
ففي حال السن الصغير، والحرق العالي، ومعدل النشاط العالي، وحجم الجسم الكبير، سيحتاج مغذيات أكثر من شخص متقدم في السن، وحرقه منخفض، ومعدل نشاطه قليل، وحجم جسمه صغير. لذا يجب معرفة العديد من المعلومات قبل تحديد الكميات بالأرقام والجرامات المناسبة لكل شخص تبعا لاحتياجاته البدنية والصحية.
أيضا بإمكان الشخص أن يحدد احتياجاته من الدهون وبسهولة، ولكن مع التجربة خلال فترة قصيرة. فمثلا هناك شخص يريد فقدان الوزن، لذا فهو يحتاج كمية من الدهون بين 75-55 في اليوم كله لتحفيز حرق الدهون. ويكون تحديد الاحتياج من خلال علامات ومؤشرات يشعر بها الشخص.
- فالإحساس بالجوع بين الوجبات مؤشر مهم جدا، فلو كان لديه علامات جوع حقيقية (من هبوط وتعب ودوار ...) فهذا يعني أن الجسم لا يملك مصدرا للطاقة اللازمة ، وبالتالي كمية الدهون غير كافية.
- وإذا بدأت المشاكل الصحية المرتبطة بنقص المغذيات والمعادن والفيتامينات بالظهور؛ مثل سقوط الشعر أو خلل في الدورة الشهرية أو شد عضلي أو أرق، فهذا معناه أن الجسم غير قادر على امتصاص الفيتامينات والمعادن الذائبة في الدهون لأنه لا يتناول دهونا كافية في الوجبات.
- ولو استيقظ هذا الشخص ليلا يعاني رغبة شديدة بالسكر (sugar craving)، فهذا يعني أنه لا يتناول دهونا كافية.
والحل هنا هو زيادة كمية الدهون بالتدريج حتى تختفي الأعراض.
- وإن كان يعاني من الشعور بالألم والانتفاخ، وهناك توعك في المعدة وغير مرتاح، فهذا يعني أن كمية الدهون زائدة عن الكمية المناسبة.
- وإن عانى الشخص من الإسهال فهذا يعني زيادة الدهون، لأن الدهون تحفز إفراز العصارة الصفراوية التي تعتبر ملينا للأمعاء. وزيادة الدهون تزيد هذا الإفراز مما يسبب الإسهال.
- وإن مظهر البراز دلالة عن زيادة الدهون. فزيادة الدهون تحول لونه من البني الغامق إلى الفاتح أو الأخضر بسبب زيادة العصارة الصفراوية (bilirubin). كما تجعله يطفو، دلالة على وجود كميات من الدهن غير المهضومة في البراز.
- أيضا ثبات الوزن دون أي أسباب يعني زيادة الدهون في الجسم، وبالتالي سيكون الجسم غير قادر على حرق الدهون المخزنة. لمعرفة أهم أسباب مشكلة ثبات الوزن تجدها هنا
والحل هنا هو تقليل الدهون بالتدريج حتى الوصول إلى الكمية المناسبة التي تجعل هذه الأغراض تختفي.
- أما عند الشعور بالاتزان، وعدم الشعور بالجوع أو التعب بين الوجبات، وعدم وجود أي علامات من علامات زيادة الدهون، فذلك معناه أن هذه هي كمية الدهون المناسبة.
سؤال مهم:
لو أن شخص يتناول الحد الأدنى من الدهون و ما زالت لديه جميع هذه العلامات أو اثنتين منها فما دلالة ذلك؟
معنى ذلك وجود مشكلة هضمية تتعلق بهضم وامتصاص الدهون، أي أن هناك مشكلة في الكبد أو المرارة أو البنكرياس.
- فالدهون تحتاج للعصارة الصفراوية الكافية لهضمها، والمسؤول عن تكوين هذه العصارة هو الكبد، أما المرارة فهي عضو لتخزين هذه العصارة. الحل هنا هو تناول الأحماض الصفراوية من الأملاح الصفراوية النقية، وهي متوفرة بصورة مكمل غذائي. وهي أساسية لكل شخص لديه مشاكل في المرارة أو استأصلها، فجسده غير قادر على تخزين وتركيز العصارة الصفراوية.
- كما أن البنكرياس هو المسؤول عن إنتاج أنزيم (lipase) المسؤول عن تحطيم الدهون لجزئياتها الأساسية (الأحماض الدهنية) حتى يستطيع الجسم التعامل معها بسهولة.
كيفية حساب كمية الدهون في الوجبة:
الصعوبة هنا تتعلق بحساب الدهون المخفية في البيض والمكسرات واللحم، وليس الدهون الصريحة مثل الزيت والزبدة.
فهناك أطعمة ذات كمية دهون ثابتة مثل:
- البيض، فالبيضة الواحدة تحتوي على 5 جرامات من الدهون الصحية. مثال: شخص قرر تناول 4 بيضات في وجبة واحدة، هذا يعني تناوله لـ 20 جراما من الدهون الصحية.
- الزبدة: فملعقة كبيرة من الزبدة فيها 11 جراما من الدهون.
أما الدهون الموجودة في البروتين، نستطيع حسابها بالطريقة الآتية:
مثلا قرر شخص تناول 150 جراما من البروتين في وجبته، والـ150 جراما هي الوزن الكامل لقطعة اللحم. ببساطة، يستطيع أي تطبيق خاص بالماكروز (حساب نسبة الوجبات) من حساب ذلك، فيكتب نوع البروتين؛ مثلا سجق بلدي أو كفتة أو سلمون أو دجاج مشوي....الخ، ثم يكتب الكمية (150 جراما) فيظهر التطبيق كم نسبة الدهون فيها، ولتكن 20 جراما. ثم أخذ ملعقة من الزبدة، أي 11 جراما، يعني 31 جراما من الدهون.
ولو كان عدد وجباته اليومية اثنتان، فذلك يعني أنه لا يحتاج أي كمية أخرى من الدهون في الوجبة.
ولو أراد تناول 20 جراما من المكسرات، فسيكتب النوع والكمية على التطبيق، فيظهر كمية الدهون، هكذا استطاع معرفة كم جراما من الدهون الصحية تحتويها وجبته بسهولة ودقة.
لكن يجب الانتباه إلى عدم تناول بروتين صافي، لأنه يحفز إفراز الأنسولين، لذا يجب أن يكون بروتينا دهنيا. كما يجب الانتباه ألا ننسى حساب الدهون الصافية كالزبدة والزيت إلى الدهون التي تحتويها قطعة البروتين، لأن من الممكن أن يزيد من كمية الدهون المتناولة دون علم، وبالتالي التسبب بعدم فقدان الوزن وثباته.
في النهاية أنوه على أن طاقة الدهون هي الطاقة الأفضل والأنظف للجسم والدماغ. وأن الاستغناء عن السكر، الذي لا نحتاجه بشكل فعلي، سيجعلنا نشعر بالفرق الكبير في طاقة الجسم والتركيز الذهني والمشاكل الصحية التي ستحل مثل مقاومة الأنسولين وارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن وارتفاع الكولسترول، فهي كلها مشاكل مرتبطة بارتفاع سكر الدم وارتفاع هرمون الأنسولين، اسمها متلازمة الأيض (Metabolic syndrome).
وأيضا ستنخفض معدلات الالتهاب التي نشعر بها على صورة آلآم متفرقة في الجسم طوال الوقت دون معرفة سببها. وسيتم التخلص من الشعور بالجوع والعصبية والتقلبات المزاجية التي يتسبب فيها اضطراب سكر الدم على مدار اليوم.
أخيرا...إذا لم تبدأ بحمية الكيتو بعد... عليك بذلك ولن تندم.