لماذا تنتشر الأمراض وتزداد مع العلم أن الحال لم يكن هكذا حينما كان أهلنا ما يزالون في أعمار صغيرة؟ قد لا تكون الفترة بعيد جدا لكنها فارقة. سؤال محير جدا على الرغم من وضوحه كالشمس، فكل التغيير السريع الذي طرأ على حياتنا في السنين الأخيرة كان هو السبب فيه بنسبة كبيرة جدا. حيث أن جميع تفاصيل حياتنا قد تغيرت؛ من مكان عيشنا، وطريقة عيشنا، وطريقة إمضاء أوقاتنا، وطريقة عملنا، وأماكن العمل، وماهية ما نأكله وما نشربه وما نلبسه.
كل ذلك قد تغير من الأشياء والأمور الطبيعية بشكل تام، إلى أشياء وأمور صناعية بشكل تام، أي إلى النقيض تماما. وبدلا من تناول ما كان يخرج من الأرض ونتغذى على لحوم الحيوانات الطبيعية، أصبحنا نعيش على الأطعمة المصنعة المليئة بالمواد الكيميائية والتي ندخلها إلى أجسادنا كل يوم. وبدلا من العمل في الطبيعة والأماكن المفتوحة فنتواصل مع الطبيعة ونمارس التأريض ونتحرك ونرى الشمس، بتنا محبوسين في المكاتب والبيوت في هواء التكييف، وبدلا من لبس الأقمشة والجلود الطبيعية، بتنا نلبس الملابس المصنعة من مواد كيميائية سامة، وهي سامة فعلا وليس في الكلام مبالغة، وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال؛ المواد التي صنعت منها ملابسنا، هل هي طبيعية أم صناعية؟ وما هي الخطورة التي من الممكن أن تشكلها على صحتنا؟ وما علاقتها بانتشار السرطانات؟ وكيف نختار ملابسنا ونخفف الضرر الذي من الممكن أن تتسبب به.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
من منا ينظر إلى الملصق الخاص بالملابس أثناء الشراء ليعرف ماهية القماش المصنوعة منه؟ سواء كان قميصا أو بنطالا أو فستانا أو أي شيء آخر. مع العلم أن أمهاتنا، منذ سنين غير طويلة، كَنّ يعرفن نوعية القماش من لمسه بأيديهن فقط. ذلك ببساطة لأن الأمر كان أسهل، حيث لم يكن هناك هذا الكم من أنواع النسيج الصناعي، فأنواعه كانت أقل، ولم تكن الأقمشة الصناعية هي المفضلة، حيث كانت تعتبر أقل جودة. ولكن حاليا في عصرنا السريع والموضة لم نعد نهتم بجودة الأقمشة، بل نهتم بالتصميم والألوان وأن تكون على الموضة مع أسعار مناسبة، وقد نسينا صحتنا مقابل ذلك، حتى وصلنا مرحلة لم نعد فيها نفكر بماهية تأثير القماش الذي نلبسه على صحتنا. أنا أيضا كنت كذلك حتى وقت قريب.
إن أغلب الملابس الموجودة في السوق، سواء كانت الغالية أو الرخيصة فالأمر غير متعلق بالسعر، هي أقمشة صناعية، مثل:
- البوليستر:
وهو من أكثر الألياف الصناعية التي تصنع منها الملابس. والبوليستر هو مادة بلاستيكية تسمى بولي يوريثين.
- النايلون والأكريليك والصوف الصناعي:
جميعها ألياف صناعية ليس لها أدنى علاقة بالأقمشة الطبيعية.
جميع هذه الأقمشة تتم معالجتها باستخدام بعض المواد الكيماوية مثل:
- مادة الفورمالديهايد (Formaldehyde)، وهي مادة كيميائية سامة.
- مادة الأيزيثيونات (Isethionates).
هناك مواد أخرى، لكن هاتين المادتين هما الأبرز في صناعات الأقمشة، حيث يستخدمان في صباغة الأقمشة ومعالجتها حتى تأخذ ملمسا وشكلا معينا.
ما هي خطورة هذه المواد الكيمائية؟
- تسبب الحساسية، سواء كانت الحساسية الجلدية أم الأرتيكاريا. كما من الممكن أن تتسبب بحدوث الأكزيما أو الصدفية، أو حتى الحساسية في الجهاز التنفسي، حيث من الممكن أن تسبب الحساسية الصدرية أو الربو (Asthma).
- تتسبب بتهيج في العين والفم والأنف، ومن الممكن أن تسبب الأرق واضطرابات النوم.
- مرتبطة بشكل مباشر بالإصابة بالسرطانات مثل سرطان الثدي.
تلجأ شركات الموضة وصناعة الملابس لاستخدام هذه الأقمشة بشكل أكبر لأنها أقل تكلفة، كما أنها تجعل الملابس تعيش لفترة أطول لأنها عبارة عن ألياف بلاستيكية غير قابلة للتحلل مع الوقت والاستخدام مثل الأقمشة الطبيعية. كما تتيح لهم صنع أشكال وموديلات وقصات من الصعب عملها باستخدام الأقمشة الطبيعية، مثل القطن والكتان والصوف الطبيعي والجلد الطبيعي والحرير.
ما الحل؟ هل نتخلص من كل ملابسنا؟
كلا بالطبع، فلن نستطيع تحمل تكلفة خزانة جديدة خالية من الأقمشة الصناعية، ولكني سأروي لكم تجربتي مع الأمر، وقد بدأت به منذ عهد ليس بالبعيد. ولكني في الفترة الأخيرة
- قررت أني لن أشتري أية ملابس قد تم تصنيعها بإدخال أي نوع من الأنسجة الصناعية، وهكذا سنتخلص وعائلتي من الأقمشة الصناعية. كما أني وأسرتي في موضوع الألبسة عموما،
- نحاول ابتياع القليل قدر المستطاع (minimalism)، فقد اعتدت أن أرى في كل فترة القطع لم ألبسها منذ فترة، فأجمعها وأعطيها لأحد آخر ليستفيد منها
باختصار، بدأت بالعمل، فبدأت عمل عملية إحلال وتبديل تدريجية، وذلك لسببين:
- حينما ذهبت للبحث عن الأقمشة الطبيعية شعرت بأنها مهمة مستحيلة، فالاختيارات محصورة في عدد قليل من الأقمشة، وأنها غير موجودة في كثير من المحال التجارية.
- أني ضد الاستهلاك بشكل يزيد عما هو ضروري، فأحاول أن أجعل النمط الاستهلاكي لدي أكثر استدامة، قدر الإمكان. لذا أقوم بالابتعاد عن الأقمشة الصناعية، والتخلص من الملابس القديمة تدريجيا.
- أما بالنسبة لأسعار الأقمشة الطبيعية فهي ليست أغلى بكثير من الأقمشة الصناعية، بل على العكس، فهناك بعض أنواع الأقمشة، كالأقمشة القطنية مثلا، تكون أكثر تكلفة، لذا نقوم بشراء ما كان باستطاعتنا، فليس المهم العدد بل الجودة.
- كما يجب أن تكون الطبقة الداخلية من الملابس مصنوعة القطن. أي حتى لو كنت تملك ملابس ذات أقمشة مصنعة وتريد التقليل من ضررها، فعليك اعتماد لباس داخلي من القطن تحتها. ذلك سيجعل الطبقة التي تحتكّ بجلدك مباشرة هي الملابس الأساسية المصنوعة من القطن. وعليك الانتباه بأن تختار الملابس الواسعة، فكلما كانت ضيقة كان ضررها أكبر لأنها تكون ملتصقة بالجلد مباشرة، فلا تستطيع خلايا الجلد من التنفس بشكل طبيعي.
عند شراء الملابس القطنية أو ملابس من أقمشة طبيعية فإنها تمر بعمليات معالجة أيضا، لذا قبل ارتداء الملابس الجديدة يجب التخلص من المواد الكيميائية المتبقية من عمليات المعالجة، وللتأكد من ذلك يجب نقعها بماء دافئ يحتوي على ملعقة من البيكنج صودا (صودا الخبز)، مع ملح وخل وقطرات من عصير الليمون، ويتم نقعها فيه لمدة ساعة على الأقل، ثم غسلها بماء جار، ثم تنشيفها جيدا.
ما هي الملابس التي لو رأيتها أمامك في أي مكان فلا تشتريها مهما كانت باهظة وذات علامة تجارية مميزة، وحتى لو كانوا يوزعونها بشكل مجاني؟
أية ملابس لها رائحة نفاذة، فهي رائحة المواد الكيماوية التي تبقى في الملابس الجديدة. وكلما كانت الرائحة قوية، كلما كانت كمية الكيماويات السامة فيها أكثر.
أخيرا:
إن الوقاية من الأمراض أسهل بكثير من العلاج. وإن لم تروا حلقة التأريض أو تقرأوا المقال الخاص به فعودوا له لمعرفة طريقة العلاج بالتأريض بطرق سهلة وبسيطة.