الالتهام الذاتي
(Autophagy)
إن كنت تريد أن تكون رجلا خارقا، من خلال الحفاظ على صحتك الجسدية، وحماية نفسك من الأمراض، وعلاج نفسك من أي مرض يقال عليه مزمنا، فهذا المقال موجه لك.
دائما ما نقول أن جسم الإنسان يمتلك قدرة مذهلة على إصلاح نفسه، وأنه قادر على إصلاح المشاكل التي تسمى بالأمراض المزمنة. لأن الجسم يمتلك آليات طبيعية تمكنه أن يقوم بعمليات التنظيف والإصلاح بشكل طبيعي، ومن أهم هذه الآليات هي عملية الالتهام الذاتي.
كنت قد تحدثت عن عملية الالتهام الذاتي سابقا حين كنت أتحدث عن الصيام المتقطع. في هذا المقال سأتحدث عن الطرق الطبيعية والسهلة جدا والبسيطة التي تعزز عمليات الالتهام الذاتي، وعن الأطعمة والعناصر الغذائية المهمة لها، وعن العوامل التي تسبب انخفاضها في جسم الإنسان، وعن علاقتها بالشيخوخة ومشاكلها، وعن خطورة انخفاض حدوثها.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
ما هي عمليات الالتهام الذاتي؟
تتعرض أجسادنا طوال الوقت لعمليات الأكسدة التي تعني تلف الخلايا، وهذا أمر طبيعي جدا وضروري للخلايا، فلكل خلية عمر افتراضي تموت بعده، ليقوم الجسم بإنتاج خلايا جديدة صحية أكثر. ولكن في بعض الأحيان تحدث عمليات الأكسدة بشكل أكبر من المطلوب مما يعني تعرض الخلايا للتلف بشكل أكبر. وفي ذات الوقت لا يكون الجسم قادرا على التخلص من بقايا الخلايا التالفة، أو إنتاج الخلايا الجديدة بكفاءة بسبب عوامل كثيرة مثل: التقدم في السن، وفقدان الجسم للعناصر المطلوبة للقيام بعمليات الالتهام الذاتي وتجديد الخلايا.
عمليات الالتهام الذاتي هي عمليات يقوم فيها الجسم بالتخلص من بقايا الخلايا القديمة التالفة واستخدامها كمصدر للطاقة. مما يعني عمليات تنظيف عميق يقوم فيها الجسم بالتخلص من جميع السموم والأشياء غير المرغوبة، واستخدام هذه الأشياء كمصدر للطاقة. باختصار.. تقوم عمليات الالتهام الذاتي بتنظيم عمليات موت الخلايا المبرمج، وتنظيم نمو الخلايا الجديدة، وتخلص الجسم من النفايات الخلوية، وتصلح الحمض النووي وتحافظ عليه لأنها تخلص الجسم من بقايا الحمض النووي التالف، أي أنها تعمل على حمايتك من السرطان. إن عمليات الالتهام الذاتي مهمة لهذه الدرجة.
هناك علاقة عكسية بين عمليات الالتهام الذاتي والالتهاب، فكلما زاد الالتهاب كلما قلت عمليات الالتهام الذاتي والعكس صحيح. فالالتهاب هو المتسبب الأول في تلف الخلايا. لهذا السبب تنخفض قدرة الجسم على إصلاح نفسه مع التقدم في السن، وتبدأ الأمراض المرتبطة بالشيخوخة والأمراض التي تسمى بالمزمنة بالظهور، لأن الجسم لا يعمل بشكل صحيح، فلو كان يعمل بشكل صحيح فلن يتمكن منه أي مرض.
فالتقدم في السن، ونمط الحياة غير الصحي، وحرمان أجسادنا من العناصر الأساسية التي نحتاجها، والتعرض للتلوث والضغط ومختلف أنواع السموم، جميعها أمور تزيد من عمليات الأكسدة وتقلل عمليات الالتهام الذاتي، مما يعني المزيد من تراكم النفايات الخلوية داخل الخلية، الأمر الذي يؤثر مباشرة على وحدات إنتاج الطاقة في الخلية.. الميتوكندريا.
إن تعرض وحدات الميتوكندريا للضرر يعني تضرر كل ما في جسدك، بما فيهم القدرة على الالتهام الذاتي، فالعلاقة هنا طردية؛ أي كلما حافظت على الميتوكندريا كان لديك التهام ذاتي جيد، وكلما كان لديك التهام ذات جيد كلما كانت صحة الميتوكندريا أفضل.
كيف نعزز عمليات الالتهام الذاتي في الجسم للحماية من الأمراض والشيخوخة وعلاج المشاكل الصحية؟
1- خفض معدل الالتهاب في الجسم للحد الأدنى.
قد يعتقد البعض أن أجسادهم خالية من الالتهاب والأمراض المزمنة، ولكن ذلك غير صحيح حين تظهر الأعراض التالية: الشعور بالإرهاق والتعب بشكل دائم، وانخفاض الطاقة، ووجود أوجاع وآلام متفرقة في الجسم، والاستيقاظ من النوم متعبا كأنك لم تحصل على كفايتك من النوم، والمعاناة من مشاكل في الجهاز الهضمي، والمعاناة من الإمساك، وعدم التركيز والنسيان بشكل كبير، وزيادة الوزن، وظهور الدهون في منطقة البطن. كل هذه الأعراض تعني وجود التهابات بنسب مرتفعة في الجسم.
ولكن يجب في البداية وقف تناول الطعام طوال الوقت بسبب وبدون سبب، والامتناع عن تناول السكر والأطعمة المعالجة والمواد الحافظة. بعد ذلك يمكننا القيام بما يمكن أن يعزز الالتهام الذاتي، وهو:
الصيام:
فهو من أهم محفزات عمليات الالتهام الذاتي على الإطلاق. ففي عام 2016 فاز العالم الياباني يوشينوري أوشومي بجائزة نوبل بسبب اكتشافه لآليات عملية الالتهام الذاتي. ويكون الصيام عن الطعام وأي شيء يرفع مستويات سكر الدم فقط. لذا لا يتوجب القيام بالصيام الجاف والامتناع عن الطعام والشراب معا، بل من الممكن القيام بالصيام المتقطع، حيث تستطيع شرب الماء والسوائل من مشروبات الأعشاب، وتناول الدهون الصافية لأنها لا ترفع سكر الدم، وتتناول الفيتامينات والمعادن التي تمد جسدك بالعناصر الغذائية التي تحتاجها دون كسر حالة الصيام، ولكن بشرط واحد، هو أن يستمر الصيام لمدة تفوق 16 ساعة، حيث أن عمليات الالتهام الذاتي لا تبدأ إلا بعد مرور 16 ساعة من الامتناع عن تناول الطعام.
ولو تم القيام بالصيام المتقطع لمدة 18 ساعة فما أكثر بطريقة صحيحة فلن يكون له أي تأثير سلبي على الهرمونات الخاصة لدى السيدات.
وقد يعتقد الكثيرون أن صيام 18 ساعة أو أكثر هو أمر يفوق القدرة على تحمل الجوع، وهذا أمر غير حقيقي لأنه اعتقاد متعلق باعتيادنا تناول الطعام طوال الوقت. لذا حين نعتاد الصيام سيقل الإحساس بالجوع ويختفي، وقد أكد ذلك الأشخاص الذين جربوا الصيام.
2- النوم:
النوم الجيد هو ما يعزز عمليات الالتهام الذاتي، حيث أن النوم بعمق، والحصول على دورات نوم كاملة خلال الليل، والنوم في مواعيد جيدة، هو أمور تستطيع تحفيز حدوث عمليات الالتهام الذاتي أثناء النوم. فعند الدخول في مرحلة النوم العميق تبدأ الخلايا بإفراز إشارات تنظم عمليات الالتهام الذاتي، وآليات أخرى مختلفة تعززه.
فقد أكدت دراسة أجريت عام 2014 أن الأشخاص الذين ينامون 8 ساعات بشكل متواصل خلال الليل، تكون عمليات الالتهام الذاتي لديهم أفضل بنسبة 30% عن الذين ينامون لمدة 6 ساعات فقط.
كما وجدت دراسة أخرى أجريت عام 2016 أن الحرمان من النوم يقلل من نشاط الالتهام الذاتي في الخلايا العصبية في الدماغ. ووجدت دراسة أجريت عام 2017 أن الحرمان من النوم يرفع من فرص الإصابة بالسرطان. وقد شرحت الرابط بين انخفاض عمليات الالتهام الذاتي والإصابة بالسرطان.
3- ممارسة التمارين الرياضية:
فقد وجدت دراسة أجريت عام 2018 أن ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميا لمدة ستة أسابيع تزيد من نشاط عمليات الالتهام الذاتي في الخلايا العصبية في الدماغ، مما يعني الحماية من الزهايمر، ومرض باركنسون، والتصلب المتعدد، وجميع أمراض التنكس العصبي.
كما وجدت دراسة أخرى أجريت عام 2019 أن ممارسة الرياضة لمدة ثلاثين دقيقة يوميا لمدة أربعة أسابيع تزيد من نشاط الالتهام الذاتي في خلايا الجلد مما يساعد الأشخاص الذين يعانون من البهاق أو الصدفية أو الوردية.
أيضا هناك دراسة أجريت عام 2020 قالت أن ممارسة الرياضية لمدة ثلاثين دقيقة بشكل يومي لمدة ثمانية أسابيع تزيد من نشاط عمليات الالتهام الذاتي في الخلايا العضلية. لذلك أقول أن الصيام مع الرياضة هما أكثر عاملين يعملان على رفع نسبة حدوث عمليات الالتهام الذاتي والمساعدة في الحفاظ على الكتلة العضلية ولا يقللها.
4- العناصر الغذائية:
هناك أربع مركبات أعتبرهم الأفضل على الإطلاق في تحفيز عمليات الالتهام الذاتي:
- الريسفيراترول (Resveratrol):
وهو مركب طبيعي موجود في التوت الأزرق، وقشور العنب الأحمر، والفول السوداني العضوي، والقرنفل، والكاكاو والشاي الأخضر. هذا المركب يعمل على حماية الخلايا من التلف، ويزيد من التعبير الجيني الذي يحسن وينشط عمليات الالتهام الذاتي. فهناك أربعون جينا مسؤولا عن عملية الالتهام الذاتي في أجسامنا، أهمهم جين (ATG5).
وقد وجدت الدراسات أن تناول الريسفيراترول بجرعات تتراوح بين 250-500 ملجم وقد تصل أحيانا إلى 1000 ملجم، يعمل على تعزيز عمليات الالتهام الذاتي بشكل كبير جدا.
- السبيرميدين (Spermidine):
وهو من أفضل المركبات على الإطلاق لمحاربة الشيخوخة، وتقليل عمليات الأكسدة، والالتهاب، وتنظيم وظيفة المناعة، وحماية أغشية الخلايا، وتحسين صحة ووظيفة الميتوكندريا ووحدات إنتاج الطاقة في الخلية، وهي النقطة الأهم. كما أنه مهم جدا لصحة القلب والكبد والكلى.
أهم مصادره الطبيعية: جنين القمح، والبقوليات، والفطر المشروم، واللحوم، وكبد الدجاج، والجبنة القديمة المعتقة مثل الجبن الرومي أو جبن البارميزان.
تكون جرعته اليومية 5 ملجم من المكملات الغذائية، أو بمقدار ملعقتين كبيرتين من جنين القمح (تساويان 3.3 ملجم من السبيرميدين). هذه هي الجرعات التي أظهرت تحسنا في الدراسات التي تمت عليه، وأنا أرى أن جرعة ثلاث ملاعق من جنين القمح هي جرعة جيدة وكافية.
- مركب (NAD):
هو أحد أشكال فيتامين ب3، لكنه من الأمور الإعجازية في تأخير الشيخوخة والعودة بعمر الخلية إلى الخلف. هذا المركب مهم جدا لعمليات الالتهام الذاتي التي تحدث في الخلية بالقدر الكافي. فقد وجدت الدراسات أنه كلما قل تركيزه في الخلية كلما انخفضت قدرتها على تفعيل عمليات الالتهام الذاتي.
جرعته اليومية تتراوح بين 500-1000 ملجم من المكملات الغذائية. وللحصول على أفضل فائدة، فمن الأفضل أن يتم تناوله مع مركب الريسفيراترول.
- مساعد الأنزيم كيو10 (Co enzyme Q-10):
وهو أحد المركبات المهمة لصحة الميتوكندريا وإنتاج الطاقة، وأهم المركبات لعملية الالتهام الذاتي.
لشراء المكملات المقترحة في هذا المقال من خارج مصر
مساعد الأنزيم Q10 عالي الامتصاص
ومن داخل مصر: