حليب البقر.. هل فعلًا يسبب السرطان؟
ما الفرق بين الحليب البقري وحليب الماعز؟ ولماذا ينصح أخصائيو التغذية بالابتعاد تمامًا عن الحليب البقري وكل منتجاته، واستبداله بحليب الماعز ومنتجاته؟ أليس هذا حليبًا حيوانيًا وذاك أيضًا؟ نعم، هذا صحيح، فكلاهما من أصل حيواني، وزيادة على ذلك، كلاهما يحتوي على لاكتوز وكازين، ولكن هناك فرق.
تعالوا لنتعرف ما أبرز الفروقات التي على أساسها يُفضل حليب الماعز أو حليب الأغنام على الحليب البقري، وهل فعلًا يمكن أن يسبب الحليب البقري الإصابة بالسرطان كما يُقال كثيرًا؟ ومتى حتى يكون حليب الأغنام غير مناسب لك؟
مقال صغير وبسيط، لكنه سيجيب على أسئلة كثيرة قد تدور في أذهان الكثيرين، فلا تنسوا مشاركته مع كل المهتمين بالموضوع
يُمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لماذا أرفض تناول الحليب البقري؟
الكلام عن الحليب البقري وأضراره كثير جدًا، وأنا نفسي تحدثت عن الموضوع في حلقة سابقة منذ أكثر من عامين، وأنا بالفعل ضد تناول الحليب البقري ومنتجاته.
اللاكتوز والكازين.. مشكلة الحليب البقري
مشكلة الحليب البقري تدور بشكل أساسي حول محتواه العالي من سكر اللاكتوز وبروتين الكازين، اللذين ربطت بعض الأبحاث بينهما وبين الإصابة ببعض أنواع السرطان، بالإضافة إلى كميات المضادات الحيوية والأدوية وأحيانًا الهرمونات التي تُحقن بها الحيوانات.
كل هذه العوامل تجعل الحليب البقري غير مناسب إطلاقًا لجسم الإنسان.
ما هو أفضل بديل للحليب البقري؟
لكن مع كل هذا، أول سؤال يتبادر إلى الذهن دائمًا هو ما البديل؟
البديل الأفضل والأكثر أمانًا هو الحليب النباتي مثل حليب جوز الهند أو حليب اللوز.
إلا أن كثيرين يرون أن الحليب النباتي لا يُشبه الحليب الحيواني في الطعم أو القوام أو المكونات، وهم محقون في ذلك تمامًا.
هناك من يستطيع الاستغناء عنه لأسباب صحية، وهناك من لا يستطيع.
إذن ما أقرب بديل للحليب البقري يكون آمنًا إلى حدٍّ كبير؟
لماذا حليب الماعز هو البديل الأفضل؟
هنا يأتي حليب الماعز أو حليب الأغنام كخيار قوي.
لكن بعض الناس يتعجبون من هذا الترشيح، لأن حليب الماعز أيضًا يحتوي على اللاكتوز والكازين، وهما نفس المادتين المسببتين للمشكلات في الحليب البقري.
فلنوضح الآن الفروقات الجوهرية بينهما، ولماذا يُعتبر حليب الماعز الأفضل.
حليب الماعز.. نقط التفوق على الحليب البقري
أولًا سكر اللاكتوز والكازين
بالنسبة لسكر اللاكتوز، فهو موجود في النوعين فعلًا، لكن بنسبة أقل في حليب الأغنام.
قد لا تكون النسبة أقل كثيرًا، ولكن سكر اللاكتوز الموجود في حليب الماعز أسهل قليلًا في الهضم، لأن الجسم يتعامل معه بسهولة أكبر.
والسبب أن نوع الدهون في حليب الماعز مختلف؛ فجزيئات الدهون أصغر حجمًا، ما يجعل عملية الهضم أسرع وأسهل.
كما أن نوع الكازين في حليب الماعز مختلف أيضًا وسنعود إليه بعد قليل.
الكازين وجزيئات الدهون يشكلان الغلاف الذي يحيط بسكر اللاكتوز، لذا عندما يسهل تكسيرهما، يصبح وصول إنزيم اللاكتيز المسؤول عن تحليل اللاكتوز أسهل، وبالتالي تكون العملية الهضمية كلها أخف على الجهاز الهضمي.
لكن، إذا كنت تعاني من حساسية شديدة تجاه اللاكتوز، أو كان جسمك يفتقر تمامًا إلى إنزيم اللاكتيز، ففي هذه الحالة حتى حليب الماعز لن يكون مناسبًا لك.
كيف تعرف إنك تعاني من حساسية اللاكتوز؟
أما عن كيفية معرفة ذلك، فلا توجد طريقة أدق من التجربة.
جرب أن تتناول حليب الماعز أو أحد منتجاته، وراقب نفسك
هل شعرت بمغص، أو انتفاخ، أو إسهال، أو إمساك، أو ضبابية في التفكير، أو صداع أو تقلبات مزاجية؟
إذا ظهرت هذه الأعراض، فمعنى ذلك أن جسمك لا يتحمل حتى حليب الماعز.
لكن المطمئن أن أغلب الأشخاص الذين يتحسسون من الحليب البقري، يمكنهم تحمل حليب الماعز بدرجة كبيرة جدًا.
ثانيًا بروتين الكازين.. المشكلة الأكبر مع حليب البقر
تأتي النقطة الثانية وهي بروتين الكازين، وهذه هي النقطة الأهم والمشكلة الأكبر في حليب البقر.
يحتوي الحليب على ما يقارب ٨٠٪ من محتواه البروتيني على هيئة كازين، ويحتوي الحليب البقري على نوع من الكازين يُسمى كازين A1، وهذا النوع هو الخطير جدًا، لأن الدراسات ربطت بينه وبين الإصابة بالسرطانات، وهو ما يشكل الخطورة الأكبر على كل من يعاني من أي مرض مناعي أو مزمن.
الجدل حول الأبحاث العلمية المرتبطة بالكازين A1
ظهرت آراء كثيرة تشكك في الأبحاث والدراسات التي ربطت بين كازين A1 والإصابة بالسرطان، وقالت إنها دراسات ضعيفة وبها ثغرات عديدة، والحقيقة أن تلك ليست الأبحاث المقصودة؛ فهناك أبحاث قوية ربطت بين كازين A1 والإصابة بالسرطان ولكن بشكل غير مباشر.
تلك الدراسات أوضحت أن وجود كازين A1 في بيئة مرتفع فيها معدل الالتهابات ومعدل هرمون الإنسولين، يرفع من خطر الإصابة بالسرطان، لأن الكازين في تلك الحالة يتحول إلى مادة تغذي السرطان.
أي أن العوامل الثلاثة يجب أن تتوفّر معًا:
- إنسولين مرتفع.
- التهابات مرتفعة.
- كازين A1.
ومعظم الناس حاليًا لديهم معدلات إنسولين مرتفعة، وكذلك التهابات مزمنة، مما يجعل وجود الكازين يشكل خطورة حقيقية.
المادة الناتجة عن الكازين A1 وتأثيرها الكارثي على الجسم
ينتج عن كازين A1 مادة تُسمى BCM-7، وهذه المادة في حد ذاتها ترفع من معدلات الالتهاب وتُثبط المناعة، والمناعة من أهم وظائفها الأساسية محاربة السرطان.
ولا يتوقف الأمر عند السرطان فقط، بل إن هذه المادة أيضًا مرتبطة بمشكلات الجهاز العصبي والتوحد عند الأطفال.
فعند هضم كازين A1، ينتج في الجهاز الهضمي مركب BCM-7، وهذه المادة تمتلك تأثيرات أفيونية مشابهة لتأثير المورفين، فتحدث ضبابية واكتئابًا وقد تؤدي إلى أعراض توحد عند الأطفال.
كوب الشاي بالحليب.. إدمان يومي خفي
يقول لي كثيرون: "عندي استعداد أن أمتنع عن أي شيء تطلبينه مني، إلا كوب الشاي بالحليب"
نعم، لأن كوب الشاي بالحليب له تأثير إدماني، خصوصًا إذا كان مُضافًا إليه السكر.
ولذلك أقول دائمًا لهؤلاء تحديدًا: أول شيء يجب أن تتوقفوا عنه هو كوب الشاي بالحليب.
لماذا كان أجدادنا يشربون حليب البقر ويتمتعون بصحة ممتازة؟
قبل أن نتحدث عن الكازين الموجود في حليب الماعز، دعونا نجيب عن السؤال الذي حيّر الجميع
إذا كان حليب البقر ضارًّا إلى هذا الحد، فلماذا كان أجدادنا يشربونه ويتمتعون بصحة ممتازة؟
الجواب بسيط يا أحبائي، أجدادنا كانوا يشربون حليب البقر البلدي، والبقر البلدي ينتج كازين A2 وليس كازين A1.
الكازين A1 يأتي من السلالات الأوروبية مثل الهولشتاين والفريزيان، وهي السلالات التي تعتمد عليها مزارع الإنتاج الحيواني حاليًا لأنها تنتج كميات أكبر من اللحوم ومنتجات الألبان.
هذه الأبقار تعرضت لطفرة جينية حولت نوع الكازين في حليبها من كازين A2 إلى كازين A1.
لكن، هل هذا يعني أن البقر البلدي آمن تمامًا؟
أي إذا كنتُ أربي بقرة بلدي في شرفة المنزل يمكنني أن أشرب حليبها بأمان؟
الإجابة: لا أيضًا، لأن جميع أنواع الأبقار تحتوي في حليبها على نوع ثالث من الكازين يسمى αS1 Casein، وهو نوع مثير للتحسس والالتهاب بدرجة عالية جدًا.
ولماذا لم يكن هذا النوع يسبب الأمراض المزمنة والمناعية لأجدادنا؟
لأن نظامهم الغذائي لم يكن يحتوي على أطعمة مصنعة مثل "كنتاكي" أو "ماكدونالدز" أو المشروبات الغازية، ولم يكونوا يتعرضون لكمية الملوثات والضغوط التي نعيشها اليوم.
فالعامل المثير للالتهاب كان واحدًا فقط، وسط نظام غذائي غني بمضادات الالتهاب، فكان تأثيره بسيطًا،
أما الآن، فأجسامنا لم تعد تتحمّل أي مجازفات أو مثيرات إضافية للالتهاب.
حليب الماعز.. الفرق الجوهري ونوع الكازين الآمن
أما حليب الماعز، فهو يحتوي على نوع مختلف من الكازين يسمى كازين A2، وليس له أي علاقة بكل المشكلات التي ذكرناها سابقًا.
كما أن محتواه من αS1 Casein شبه منعدم، مما يجعله ألطف على الجهاز الهضمي، وبيئة هضم اللاكتوز فيه أفضل بكثير من تلك الموجودة في حليب البقر.
وجود الحمض الدهني CLA
يمتاز حليب الماعز أيضًا بميزة مهمة جدًا، وهي احتواؤه على حمض دهني يسمى CLA (Conjugated Linoleic Acid)،
وهو نوع من الأحماض الدهنية أوميجا-6.
قد يقول البعض: "أوميغا-6 أليست من الدهون التي تثير الالتهابات؟"
صحيح، ولكن الـ CLA الطبيعي استثناء، إذ يسلك مسارات مختلفة تمامًا داخل الجسم عن بقية أنواع أوميغا-6، فهو يقلل الالتهابات، ويمنع نمو الخلايا السرطانية، ويدعم صحة الميتوكوندريا، ويحفز عمليات الحرق، ويحسن حساسية الخلايا للأنسولين، ويمنع تخزين الدهون.
مصادر حمض CLA الطبيعي
يوجد CLA في جميع منتجات الأغنام والماعز سواء في اللحوم أو الحليب، كما يوجد في الزبدة والسمن بشرط أن تكون هذه الحيوانات تربى على العشب (Grass-fed) في المراعي المفتوحة.
أما الحيوانات التي تربى على العلف والحبوب فلا تحتوي منتجاتها على هذا الحمض المفيد.
الخلاصة
حليب الماعز بديل أفضل وأمن، لكل هذه الأسباب، يعتبر حليب الماعز ومنتجاته بديلًا أفضل بكثير من حليب البقر ومنتجاته،
سواء للناس الأصحاء أو لمن لديهم مشكلات صحية، فلا يجب أن ننتظر المرض لنجري تغييرات مهمة كهذه، إنه خيار أفضل للكبار وللأطفال على حدٍّ سواء، بل إن أهميته للأطفال أكبر بكثير.
وإن كانت الإمكانيات تسمح، فالأفضل دائمًا اختيار منتجات حليب ماعز "Grass-fed" أي متربّية على العشب.
يُمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
للحصول على المنتجات المقترحة في المقال:
