ماذا بعد استئصال المرارة
من أكثر الأمور العجيبة والغريبة بالنسبة لي هو التخلص من أحد أعضاء الجسم، عضو كامل من جسم الإنسان نزيله ونكمل الحياة بعده بطريقة عادية جدا، وكأن العضو لم يكن له دور أو وظيفة مهمة. هذا ما يحصل تماما في حالات استئصال المرارة.
فبعد فترة من استئصالها، تبدأ صحة الشخص بالتدهور، وغالبا ما تظهر عليه أمراض أخرى ومشاكل صحية جديدة تماما، ولا أحد يربط بين ذلك واستئصال المرارة.
فما هي وظيفة المرارة؟ ولماذا يتم استئصالها؟ وما هي خطورة هذه العملية؟ وهل من الممكن اجتنابها؟ وما المفترض فعله لاجتناب تجنب مضاعفات إزالة المرارة؟
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
المرارة (gall bladder):
هي جزء أساسي من الجهاز الهضمي للإنسان، وظيفتها تخزين وتركيز العصارة الصفراوية التي ينتجها الكبد، وإفراز هذه العصارة في الوقت المناسب، حين يحتاجها الجسم خاصة عند تناول الأطعمة الغنية بالدهون.
فالعصارة الصفراوية مهمة وأساسية لجسم الإنسان، ولها وظائف عديدة:
1- تكسير وهضم الدهون، مع العلم أنها الوحيدة القادرة على هضم الدهون.
2- الحفاظ على التوازن البكتيري في الأمعاء بأن تكون في أعداد معينة، وتمنع تكاثر ونمو البكتيريا الضارة.
3- الحفاظ على درجة معينة من حامضية المعدة.
4- إنتاج الهرمونات الجنسية، فدون وجود الدهون لا يستطيع الجسم إنتاج الهرمونات، وكما قلنا أن هذه العصارة هي الوحيدة القادرة على تكسير الدهون لاستخدامها في بناء الهرمونات.
5- التخلص من السموم.
ما الأمر الذي يضطر الشخص بسببه لاستئصال المرارة؟
في الحقيقة لا أجد سببا يستدعي استئصال المرارة، فهناك بالفعل أمور من الممكن أن تؤثر على المرارة وتسبب المشاكل، ولكن هذه المشاكل عادة ما يكون لها حلا، ولكن الفكرة بمعرفة جذر المشكلة والعمل على حلها.
وإن عملية استئصال المرارة يتم اللجوء إليها عادة حين يعاني الشخص من التهاب في المرارة أو تكون حصوات متكررة من الممكن أن تؤدي لانسداد القنوات المرارية وبالتالي التهاب البنكرياس. ويحدث ذلك كله بسبب مشاكل في إنتاج العصارة الصفراوية وتدفقها، وسيرها في المسار الذي من المفترض أن تمشي فيه دون مشاكل.
لماذا تحدث المشاكل في إنتاج العصارة الصفراوية وتدفقها؟
- وجود مشاكل في الكبد:
ذلك يعني أنه غير قادر على القيام بدوره وإنتاج العصارة الصفراوية بشكل جيد وبخصائصها الطبيعية، لأن المرارة تحتفظ بها وتركزها بشكل جيد.
وإن من أكثر المشاكل الشائعة التي تسبب مشاكل في المرارة هي دهون الكبد. فالإصابة بالكبد الدهني يجعل الكبد يقوم بإفراز كميات زائدة من الكوليسترول مع العصارة الصفراوية، فتبدأ جزيئات صلبة من الكوليسترول بالتكوّن والتراكم في صورة حصوات في المرارة أو القنوات المرارية، مما يتسبب بالتهاب المرارة، وأحيانا التهاب البنكرياس، ومنع العصارة الصفراوية من السير في مسارها الطبيعي بأن يتم إفرازها في الأمعاء لتقوم بدورها الطبيعي في هضم الدهون.
ما الذي يسبب الإصابة بالكبد الدهني؟
- السمنة وزيادة الوزن والنظام الغذائي الخاطئ الغني بالسكر والنشويات المكررة والدهون المهدرجة والوجبات السريعة.
- إصابة الكبد بالالتهابات والعدوى مثل التهاب الكبد الوبائي بي، والتهاب الكبد الوبائي سي، خاصة النوع سي.
فلو كنت تعاني من حصوات المرارة أو التهاب القنوات المرارية أو التهاب البنكرياس، فلا تقرر استئصال المرارة قبل البحث عن سبب المشكلة في الكبد والعمل على حلها، وبالتالي حل مشكلة المرارة. في هذه الحال تكون مستويات الكوليسترول في الغالب غير طبيعية. ستجد حل هذه المشكلة نهائيا دون اللجوء إلى الأدوية في حلقة ومقال علاج الكوليسترول.
- ارتفاع مستويات الأستروجين خاصة لدى السيدات.
- التدخين أو أي مرض أو مشكلة مرتبطة بارتفاع مستويات الالتهاب. ذلك لأنها قد تزيد من إنتاج الجسم للكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) مما يتسبب في حصوات المرارة. فلو كنت تعاني من أي مشكلة مرتبطة بالالتهاب يجب العمل على حلها. للمزيد من المعلومات عودوا إلى الحلقة والمقال الخاص بعلاج الالتهاب طويل الأمد منخفض الدرجة.
ما هي خطورة عدم قدرة المرارة على أداء وظيفتها بشكل جيد أو عدم وجودها؟
إذا لم يكن هناك مرارة فلن يكون هناك تخزين أو تركيز للعصارة الصفراوية، لذا سيكون هناك نقص في العصارة الصفراوية. وإن تم استئصال المرارة فالمشاكل التي تسببت بالتهابها لم يتم علاجها، أي لم نعالج الكبد أو الالتهابات.
هناك خطورة في نقص العصارة الصفراوية، حيث يتسبب ذلك في:
1- عدم القدرة على هضم وامتصاص الدهون. والأسوأ هو نصحك بعدم تناول الدهون، فالجسم لا يستطيع تجديد خلاياه دون دهون، فأغشية الخلايا تتكون من الدهون.
2- لا يستطيع الجسم إنتاج الهرمونات الجنسية دون دهون.
3- لا يستطيع الجسم امتصاص جميع العناصر الغذائية الذائبة في الدهون أو صنعها مثل فيتامين د، وفيتامين أ، وفيتامين ك، وحتى الحديد. لذلك فإن جميع حالات استئصال المرارة التي رأيتها كانوا يعانون من سوء تغذية وضعف عام وأنيميا، وكثير منهم يعانون من الأمراض المناعية.
4- المعاناة من الإمساك أو الإسهال المزمن، فالعصارة في الأساس ملينة للأمعاء، لذا فإن نقصها يتسبب بالإمساك، وأما الإسهال فيحدث نتيجة التسريب المستمر للعصارة الموجودة في الكبد. وإن الإسهال المستمر يعني الضعف العام والنقص في العناصر الغذائية.
5- فرط نمو الفطريات في الأمعاء الدقيقة (SIBO). ذلك لأن المنظم الذي كان يمنع فرط تكاثرها لم يعد موجودا. وإن هذه الحالة من أكثر الحالات التي لا تحل بشكل نهائي طالما لا يوجد عصارة صفراوية كافية.
6- الإصابة بخمول الغدة الدرقية. فالعلاقة قوية جدا بين مشاكل الغدة الدرقية ومشاكل المرارة.
7- ارتفاع مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) والدهون الثلاثية (Triglyceride) وتراكم السموم في الجسم، بسبب عدم وجود عصارة كافية، بالتالي سيكون هناك صعوبة كبيرة على الكبد في التخلص منها، وهكذا تكبر المشكلة مع الوقت.
كيف يتم تجنب هذه المضاعفات في حالات استئصال المرارة؟
1- تعديل النظام الغذائي وضبطه:
وهذا لا يعني اتباع نظام غذائي خالي من الدهون، فذلك من شأنه تعظيم المشكلة، ولكن يعني عمل الآتي:
- تناول الدهون الصحية خاصة التي لا تضع عبئا على الأعضاء مثل (MCT oil)، فهو أفضل أنواع الدهون التي من الممكن أن يعتمد عليه أي شخص لديه مشاكل في المرارة أو قام باستئصال المرارة أصلا.
- الابتعاد عن تناول السكر والطعام المعالج والوجبات السريعة والدهون المهدرجة، وتقنين تناول الفاكهة.
- الامتناع عن تناول الوجبات الخفيفة، وتنظيم مواعيد الوجبات وعددها، والالتزام بالصيام المتقطع. فيتم تناول وجبتين في اليوم مثلا، ذلك لأنه في كل مرة نأكل فيها فإننا نضع عبئا على الأعضاء التي تساهم في عملية الهضم.
2- تناول الأملاح الصفراوية من مصدر خارجي
حيث يجب أن يوجد ما يقوم مقام العصارة الصفراوية التي ينتجها الجسم بشكل طبيعي، وإن أفضل المصادر في حالات حصوات المرارة أو استئصالها هو التودكا (Tudca). حيث تتميز بجودتها العالية، واحتوائها على الكولين. حيث تعمل على تقليل احتمالية تكون الحصوات، كما تساعد في تفتيتها، وتقلل من مضاعفات ما بعد استئصال المرارة مثل عسر الهضم وسوء الامتصاص وما يترتب عليه من مشاكل صحية.
جرعتها 500 ملجم مرتين يوميا؛ أي 500 ملجم مع كل وجبة. وإن كان من الصعب الحصول عليها فبالإمكان اعتماد نوع يسمى (Bile acid factor) بجرعة أربع كبسولات يوميا يتم تناولها مع الوجبات.
3- تناول الكولين:
وهو المادة الأساسية التي تساعد على ذوبان الدهون والكوليسترول في العصارة الصفراوية، فلو تناولت الأملاح الصفراوية من المكملات ولم يكن فيها الكولين فكأنك لم تفعل شيئا. لذا لو كنت ستتناول أي نوع آخر غير التودكا فعليك تناول الكولين معه. فالكولين مهم جدا لتفتيت حصوات المرارة وإذابة وامتصاص الدهون، مما يجعله مهما لأي شخص لديه مشاكل في المرارة أو مشاكل في الكبد قد تم استئصال المرارة له.
أما مصادر الكولين الطبيعية فهي الكبد واللحوم وصفار البيض، وهو أمر منطقي حيث أن هذه الأصناف تحتوي على الدهون والكوليسترول، لذا فإن الله لن يعطيك إياها دون أن يوجد ما يساعدك على امتصاصها.
إن الالتزام بهذه الأمور البسيطة من الممكن أن يحمينا من مضاعفات عملية خطرة وغير بسيطة مثل استئصال المرارة، ويساعدنا في حال وجود مشاكل متكررة في المرارة أو تشكل الحصوات أو حدوث الالتهابات.
وإني أنصح بعدم اللجوء لعملية استئصال المرارة طالما أن المشكلة قابلة للحل بالطرق التي تحدثنا عنها، فقرار استئصال عضو مهم من الجسم ليس سهلا، حيث قد يسبب مضاعفات كثيرة جدا وأمراض خطيرة من الممكن أن تسببها هذه المضاعفات.
لشراء المكملات المقترحة في هذا المقال من خارج مصر
الأملاح الصفراوية - Bile salts
ومن داخل مصر: