الكالسيوم... المكمل المألوف ذو الجدل الخفي
يعد الكالسيوم واحدًا من أكثر أنواع المكملات الغذائية استهلاكًا حول العالم، تقريبا كل النساء سبق واستخدمن الكالسيوم لفترة من حياتهم، خاصة خلال فترة الحمل والرضاعة، هذا إذا لم تكوني تستهلكين مكملات الكالسيوم أو مكملات تحتوي على الكالسيوم في الوقت الحالي.
من المستغرب أن تناول الكالسيوم لا يصاحبه القلق الذي يعاني منه البعض عند استخدام أنواع أخرى من المكملات أو الفيتامينات، على الرغم من أن الكالسيوم واحد من أكثر المكملات التي حولها الكثير من المعلومات حول فعاليتها وآثارها الجانبية وأمانها، وهذا يعكس مدى تحكم الوعي الجمعي في آراءنا في عدة أمور، حيث أن استخدام كل الناس للكالسيوم لا يعني بالضرورة أن يكون آمن.
لماذا لا أنصح بتناول مكملات الكالسيوم؟
سأتحدث معكم قليلًا عن مكملات الكالسيوم؛ لماذا لا أنصح بتناولها؟ ما المشكلات التي قد تترتب على استخدامها؟ وما الآثار الجانبية المحتملة؟ وإذا كنتِ تعانين من نقص شديد في الكالسيوم وتحتاجين فعلًا إلى تعويض هذا النقص بجرعات كبيرة من المكملات، فما هو النوع المناسب الذي ينبغي عليكِ اختياره؟
سنقوم بإجراء مقارنة بين أشهر صيغ وأنواع مكملات الكالسيوم، مع التركيز على بعض الأنواع الشائعة جدًا والتي قد تكون مضرة بشكل كبير، مثل كربونات الكالسيوم، والتي قد تكونين بالفعل من مستخدميها فقط لأنها منتشرة ومعروفة. كما سأوضح لكِ ما الذي يجب فعله عند تناول مكملات الكالسيوم لتقليل آثارها الجانبية وضمان استخدامها بطريقة آمنة.
الكالسيوم... معدن أساسي لا غنى عنه
يُعد الكالسيوم واحدًا من أهم المعادن الضرورية لجسم الإنسان، فهذه حقيقة لا جدال فيها. احتياجنا اليومي له مرتفع نسبيًا، والأطعمة الغنية بالكالسيوم متوفرة بكثرة، ومع ذلك لا تزال شريحة كبيرة من الناس تعاني من نقص في هذا المعدن الحيوي، وخصوصًا النساء والأطفال.
لماذا نعاني من نقص الكالسيوم رغم توافره؟
السبب في ذلك يعود إلى أن أجسام الكثيرين تواجه صعوبة في امتصاص الكالسيوم، وغالبًا ما يكون هذا بسبب نقص فيتامين د، وهو الفيتامين المسؤول عن تعزيز امتصاص الكالسيوم في الجسم. وفي بعض الحالات، تكون هناك مشاكل في أحماض المعدة، مما يؤدي أيضًا إلى صعوبة امتصاص العديد من العناصر الغذائية، بما في ذلك الكالسيوم.
المشكلة الحقيقية أن نقص الكالسيوم ونقص فيتامين د غالبًا لا يُكتشفان في وقت مبكر، بل يُلاحظ الأمر فقط عندما تظهر أعراض واضحة تدل على وجود نقص حاد، مثل هشاشة العظام أو ضعف الأسنان وتكسرها، وهنا فقط يبدأ الأطباء في وصف مكملات الكالسيوم كحل علاجي.
مكملات الكالسيوم... ليست بهذه البساطة
رغم أهمية الكالسيوم لجسم الإنسان، إلا أن لمكملاته مشكلات متعددة، أهمها الآثار الجانبية والصيغ السيئة التي قد تُستخدم في تصنيعه، مجرد تناول الكالسيوم لا يعني بالضرورة أن الجسم استفاد منه بشكل مثالي، أو أن الكالسيوم قد وصل إلى العظام والأسنان كما ينبغي.
متى يصبح الكالسيوم عبئًا على الجسم؟
عند تناول الكالسيوم، خاصة إذا تم استهلاكه بمفرده دون معادن مرافقة مثل الماغنيسيوم، فإنه يدخل مجرى الدم، لكن لا يُضمن توجيهه للعظام فقط. جزء منه قد يتجه للعظام، لكن جزءًا آخر قد يترسب في الكلى مُسببًا الحصوات، أو في المفاصل مُحدثًا ألمًا والتهابًا، أو خلف الأذن مُسببًا الدوار وفقدان التوازن.
كما يمكن أن يترسب في الأوعية الدموية مُسببًا تصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بالجلطات، خصوصًا عند الاستخدام طويل الأمد.
متى يصبح تناول مكملات الكالسيوم ضرورة؟
إذا كنتِ تعانين من نقص شديد في الكالسيوم، أو هشاشة العظام، أو مشكلات حادة في الأسنان، فحينها قد لا يكون هناك بديل عن تناول مكملات الكالسيوم. لكن المهم هنا هو اختيار النوع الجيد والآمن.
في عالم المكملات الغذائية، هناك قاعدة ذهبية: كل ما هو متاح بكثرة، وسعره منخفض جدًا، غالبًا ما يكون عديم الفعالية أو رديء الجودة. شركات المكملات ليست مؤسسات خيرية، بل تعمل في إطار تجاري بحت. لذلك، لا بد من البحث والقراءة وسماع آراء المتخصصين قبل شراء أي مكمل، تمامًا كما نفعل عند شراء جهاز إلكتروني أو أي منتج آخر.
ما أفضل مصادر الكالسيوم؟
أفضل وسيلة للحصول على الكالسيوم هي دائمًا من الطعام الطبيعي، مثل: السمسم الأسود، طحينة السمسم الأسود، السمسم الأبيض، بذور الشيا، وجبن الماعز. أما منتجات الحليب البقري، فلا يُنصح بها، وقد تم التطرق لهذا الموضوع سابقًا.
ما هي الصيغ التي يجب تجنبها في مكملات الكالسيوم؟
نبدأ بأكثر الأنواع انتشارًا: كربونات الكالسيوم (Calcium Carbonate). في 90٪ من الحالات، إذا تفحصتِ علبة مكمل الكالسيوم أو المالتي فيتامين لديكِ، ستجدين هذه الصيغة. لماذا هي الأكثر انتشارًا؟ لأنها الأرخص. هذه الصيغة تُستخرج من الجير أو الحجر الجيري، كما أنها تُصنع كيميائيًا في المختبر.
مشكلتها الأساسية أنها ضعيفة الامتصاص، وتضر حمض المعدة بشكل كبير، لدرجة أنها تُستخدم في أدوية الحموضة لتقليل الحموضة. وإذا كان لديكِ أصلًا مشكلة في حموضة المعدة، فلن يتم امتصاصها أبدًا، بل قد تتسبب في تفاقم حالتك. لذا، يُنصح بتجنب كربونات الكالسيوم تمامًا.
كالسيوم الأصداف... طبيعي لكنه ليس مثاليًا
من أكثر أشكال مكملات الكالسيوم انتشارًا بعد كربونات الكالسيوم هو الكالسيوم المستخلص من الأصداف البحرية. وقد يبدو للبعض خيارًا ممتازًا لكونه مستخلصًا من مصدر طبيعي، وهي ميزة لا يمكن إنكارها.
لكن من ناحية الامتصاص، فهو ليس الأفضل، خاصة إذا كنت تعاني من مشكلات في حموضة المعدة، إذ قد لا يتمكن الجسم من امتصاصه بكفاءة.
كالسيوم فوسفات... صيغة تُضعف امتصاص المعادن
هناك صيغة أخرى تُعرف باسم كالسيوم فوسفات، وهي غير منتشرة كثيرًا لكنها متوفرة في بعض المنتجات.
المشكلة الأساسية في هذه الصيغة أنها قد تعيق امتصاص معادن أخرى مهمة مثل الحديد، ما يجعلها واحدة من الخيارات غير المفضلة في مكملات الكالسيوم.
صيغ الكالسيوم الأفضل.. خيارات أكثر أمانًا
من بين الصيغ الأفضل امتصاصًا للكالسيوم توجد:
- كالسيوم سيترات
- كالسيوم جلوكونات
- كالسيوم لاكتات
تتميز هذه الصيغ بامتصاص جيد حتى لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في حمض المعدة. ويفضل تناولها على معدة فارغة لتحقيق أفضل استفادة.
كالسيوم أورتات... الصيغة الذهبية
أفضل شكل من مكملات الكالسيوم من حيث الامتصاص هو كالسيوم أورتيت.
يحتوي على حمض الأورتيك، الذي يُساعد في نقل الكالسيوم داخل غشاء الخلية، مما يجعله من أكثر الصيغ كفاءة وفعالية.
من ميزاته أيضًا أنه لا يتطلب تناول عدد كبير من الأقراص يوميًا، بل يمكن الحصول على الجرعة المطلوبة من قرص واحد أو في مرة واحدة فقط.
أما العيب الوحيد لهذه الصيغة، فهو ندرتها في الأسواق وارتفاع سعرها مقارنة بالصيغ الأخرى، وذلك بسبب كلفة إنتاجها العالية وفعاليتها الممتازة.
الجرعة اليومية من الكالسيوم
تتراوح الجرعة اليومية الموصى بها من الكالسيوم للبالغين بين 600 إلى 1200 ملج يوميًا، بحسب العمر والحالة الصحية.
كيف نتجنب ترسب الكالسيوم في الأنسجة الرخوة؟
عند تناول مكملات الكالسيوم، هناك بعض الخطوات الأساسية التي يجب اتباعها لتقليل خطر ترسبه في الأنسجة الرخوة مثل الأوعية الدموية، الكلى، والمفاصل.
- تناول كميات كافية من المياه والسوائل
أولى الخطوات لتقليل الآثار الجانبية هي دعم صحة الكلى، وذلك من خلال شرب كميات كافية من الماء والسوائل يوميًا. الكلى تبذل جهدًا كبيرًا في تنظيم مستويات الكالسيوم داخل الجسم، وترطيب الجسم يساهم في منع ترسب كريستالات الكالسيوم داخل الكلى، وبالتالي يُقلل من خطر تكوّن الحصوات.
- تناول الكالسيوم مع العناصر المساعدة له
لا يجب تناول الكالسيوم بمفرده، بل يجب أن يُرفق بعنصرين أساسيين لضمان فعاليته وتقليل مخاطره:
- الماغنسيوم:
يلعب دورًا محوريًا في تنظيم توازن الكالسيوم داخل وخارج الخلايا، كما أنه ضروري للحفاظ على التوازن بين عمليات الانقباض والانبساط في العضلات، لأن الكالسيوم والماغنسيوم يعملان بتضاد. عند وجود نقص في الماغنسيوم مع ارتفاع في الكالسيوم، قد تحدث حالات انقباض عضلي مفرط، مثل الشد العضلي المتكرر.
- فيتامين K2:
يساعد فيتامين ك٢ في ترسيب الكالسيوم داخل العظام والأسنان، وذلك عن طريق تنشيط بروتينات متخصصة ترتبط بالكالسيوم وتوجهه إلى مكانه الصحيح. كما يمنع تراكمه داخل الأنسجة الرخوة مثل الشرايين والمفاصل.
تجنبِ الكالسيوم نهائيًا في هذه الحالة:
تناول مكملات الكالسيوم ممنوع تمامًا في الحالات التالية:
- فرط نشاط الغدة الدرقية
- اضطرابات جارات الدرقية
- أمراض الكلى
- فرط نشاط الغدة الدرقية
- اضطرابات جارات الدرقية
- أمراض الكلى
إذا كنتِ قد تناولتِ مكملات الكالسيوم من قبل وسببت لكِ حصوات بالكلى، أو كنتِ تعانين من مشكلة سابقة في تكوّن الحصوات لأي سبب آخر، فقد ناقشنا الطرق الطبيعية للتعامل مع هذه المشكلة في حلقات سابقة على قناة ندى حرفوش على يوتيوب.
