متلازمة القولون العصبي
(Irritable Bowel Syndrome (IBS))
يعتبر القولون العصبي من أكثر الأمراض الجسدية انتشارا. يكون المصاب به غير مرتاح باستمرار لأنه يدور في حلقة مفرغة من آلام ومشاكل القولون، والتوتر والقلق والاكتئاب الذين يسببون تهيج القولون، ومن ثم يتسبب تهيج القولون في حدوثهم. قد يتحدث جميع الناس عن القولون العصبي، ولكنهم لم يفهموه يوما بشكل صحيح؛ من ألم القولون، وسبب الأعراض التي يسببها القولون، وكيفية حدوثها، وهل من الممكن التعافي منه أم ستبقى المعاناة منه طوال الحياة.
علاج القولون العصبي سهل وبسيط لو فهمناه، لأنه ليس مجرد دواء أو طعام معين سنتوقف عن تناوله فتحل المشكلة. فالقولون العصبي يحتاج علاجا شاملا. إن علاجه سهل ولكن في داخله نقاط كثيرة وتفاصيل يجب معرفة كيفية التعامل معها للتخلص من المشكلة التي تبدو لا نهائية.
فلو كنت تعاني من القولون العصبي فمن المؤكد أنك قمت بمحاولات كثيرة ومختلفة لحل هذه المشكلة؛ قد تكون قد قمت بزيارة أكثر من طبيب، وقمت باتباع أنواع مختلفة من الحميات الغذائية، بعضها كان مريحا والبعض الآخر غير مريح، ولكن لا شيء يؤثر تأثيرا إيجابيا في نهاية الأمر، فالتعرض لأي توتر أو عصبية أو ضغط نفسي أو تناول أي طعام دسم أو غير مدروس يجعل ألم القولون يظهر مرة أخرى. لذا، لوضع نهاية جيدة لقصة القولون العصبي، يجب أن نقوم بفهمه جيدا قبل أي شيء.
يمكنك الآن حجز استشارة مع ندى حرفوش من هنا،
لتحصل على برنامجا صحيا متكاملا ومصمما خصيصاً لك لمساعدتك على التعافي من مشاكلك الصحية بالطرق الطبيعية
متلازمة القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome (IBS)):
كلمة متلازمة تعني مجموعة أعراض مرتبطة ببعضها تحصل معا. فمتلازمة القولون العصبي يحصل فيها أعراض غالبا ما تكون مترافقة مع بعضها (آلام القولون، والانتفاخ، والشعور بعدم الراحة، والإمساك المتكرر، والإسهال المتكرر، والتناوب بين الإسهال والإمساك). ويعبر التناوب بين الإمساك والإسهال عن حركة أمعاء غير منتظمة. وقد وجدت الأبحاث أن المصابين بمتلازمة القولون العصبي تكون معدلات الإصابة باضطرابات القلق لديهم خمس مرات أعلى من غيرهم. فالقولون العصبي مشكلة مرتبطة بالحالة النفسية بشكل كبير جدا، بالإضافة إلى مسببات أخرى.
ما هي علاقة التوتر بالقولون العصبي؟ بمعنى آخر؛ ما هي علاقة الدماغ بالأمعاء؟
إن الجهاز العصبي ينقسم لثلاثة أنظمة فرعية، كل منهم يعتبر جزءا مستقلا بذاته من الجهاز العصبي، على الرغم من كونهم متصلين، إلا أن كلا منهم له وظيفة.
1- الجهاز العصبي المعوي (Enteric nervous system)
2- الجهاز العصبي الإرادي أو الجملة العصبية الودية (Sympathetic nervous system)
3- الجهاز العصبي اللاإرادي أو الجملة العصبية اللاودية أو نظير الودية (Parasympathetic nervous system)
إن الجهاز العصبي المعوي هو المسؤول عن عمليات الهضم وكل ما يحصل في الأمعاء. يتكون من أكثر من 500 مليون خلية عصبية تدير وظيفة الجهاز الهضمي فقط، ويقوم بالتواصل مع الجهاز العصبي المركزي عن طريق شبكة معقدة جدا تسمى محور الأمعاء والدماغ (Gut-Brain axis) المكون الرئيسي فيها هو العصب الحائر أو العصب العاشر (Vagus nerve). هذا المحور هو ما ينتقل عبره الإشارات بين الدماغ والأمعاء. لذلك فإن أي خلل يحدث في الأمعاء فإنه يؤثر على الحالة المزاجية والعكس صحيح. فحينما يحدث خلل في توصيل الإشارات أو ترجمتها بشكل خاطئ (Miscommunication) تظهر جميع أعراض القولون العصبي.
ما الذي يحدث عندما نتعرض للتوتر؟
يدخل الجسم حينها في حالة القتال أو الهرب (fight or flight response)، وهي استجابة الجهاز العصبي اللاإرادي للضغوط. عند حدوث هذه الاستجابة يقوم الجهاز العصبي بإرسال إشارات للأمعاء بالتوقف عن عمليات الهضم بسبب الدخول في حالة طوارئ والأهم من الهضم هو الحفاظ على الحياة، لذا إما أن تتوقف الأمعاء عن الهضم أو تقوم بإنهائه سريعا. هنا لو توقفت الأمعاء عن الهضم حينها سيحدث الإمساك، ولو أنهت عملية الهضم سريعا حينها سيحدث الإسهال بسبب حركة الأمعاء السريعة جدا. ويستمر ذلك حتى الانتهاء من حالة الضغط والتوتر ليعود كل شيء إلى طبيعته مرة أخرى.
كما قلنا، إن الأشخاص المصابين بالقولون العصبي تكون معدلات الإصابة لديهم أعلى من بقية الناس بخمس مرات تقريبا، لأنهم أكثر حساسية للضغوط والتوتر، لذلك تكون أمعاؤهم أكثر حساسية، وتتأثر بسهولة وبشكل أكبر بكثير.
تقول الأبحاث أن معظم المصابين بالقولون العصبي قد تعرضوا لصدمات نفسية في مرحلة الطفولة، وهذه إحدى عوامل الخطورة. وقد قابلت أشخاصا كثيرين قالوا لي بأنهم حين عملوا على تفكيك صدمات الطفولة وبدأوا العمل على الجانب النفسي مع مدرب حياة بدأت مشاكل القولون العصبي تقل لديهم بشكل كبير والسيطرة عليها إلى حد كبير.
يكون الأمر كالحلقة المفرغة، لأن مريض القولون العصبي دائما ما يكون قلقا من الأعراض التي يعاني منها وخائف من تكرارها، فيعيش حالة من التوتر والقلق دون داع، فيتسبب هذا التوتر بجعل الأعراض تصبح أسوأ لأنها مرتبطة بالأصل بالتوتر والضغوط.
هل هناك أمر آخر قد يكون له دور في علاقة الأمعاء والدماغ؟
أجل هناك أمر مهم جدا وهو بكتيريا الأمعاء النافعة أو الميكروبيوم. إن المجتمع البكتيري الموجود في الأمعاء يحتوي على أنواع كثيرة جدا من البكتيريا الحية. هذه البكتيريا هي أهم شيء في الجسم، فهي تقوم بإنتاج النواقل العصبية التي تعطينا الشعور بالسعادة والاستقرار النفسي مثل السيروتونين، وقد تحدثت عن ذلك قبلا في حلقة ومقال علاج الاكتئاب.
لو كان هناك عدم توازن في بكتيريا الأمعاء بشكل يؤثر على معدلات السيروتونين فبالطبع ستتأثر الحالة النفسية وسيكون هناك شعور بالقلق والتوتر، وبالتالي تظهر أعراض القولون العصبي. وقد ثبت فعليا أن معظم الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي لديهم نقص في السيروتونين.
مضاعفات القولون العصبي:
مشكلة القولون العصبي أن أمره لا يتوقف عند الأعراض المزعجة التي يعاني منها المصاب طوال حياته، لأن هناك أشخاص يتأقلمون مع الألم بعد فترة لأنهم يقتنعون بأنه لا يوجد حل، فيكملون حياتهم. كما أن المشكلة في أن إهمال مشاكل القولون العصبي له مضاعفات خطيرة.
- للعصب الحائر تأثير كبير جدا على معدل نفاذية الأمعاء، وحين تصيبه مشكلة وتستمر لوقت طويل فذلك سيؤدي لارتشاح الأمعاء.
- إن ارتشاح الأمعاء هو أوسع بوابة لدخول الأمراض المناعية، وأمراض الأمعاء الالتهابية، والسرطانات. وقد رأيت العديد من حالات القولون العصبي التي انتهت بالسرطانات.
ما هو علاج القولون العصبي؟
يجب أن يكون هناك برنامج شامل لعلاج القولون العصبي؛ ينقسم إلى أمور مؤقتة، وإلى أمور يجب أن تصبح جزءا من نمط الحياة.
1- الامتناع فورا عن أي طعام يتسبب في تهيج القولون أو عدم راحته.
في الأصل يجب ألا تتعب المعدة من أطعمة كثيرة، ولكن في حال المعاناة من أطعمة كثيرة جدا تسبب تهيج القولون والتناوب بين الإسهال والإمساك فهذا يعني وجود مشاكل يجب حلها أثناء التوقف عن تناول هذه الأطعمة، ثم العودة لتناولها بشكل تدريجي، والأطعمة التي لن تسبب مشكلة مرة أخرى فمن الممكن إرجاعها إلى النظام الغذائي.
- فمثلا لو كانت الدهون تسبب الإمساك أو الإسهال فهذا يعني وجود مشكلة في الأنزيمات الهاضمة، حينها يجب تناول أنزيمات هاضمة ومعرفة سبب المشكلة، هل هي في الكبد؟ أم في المرارة؟ أم في البنكرياس؟ فنقص الأحماض الدهنية يسبب مشاكل في إنتاج الأنزيمات الهاضمة، أو التودكا لفترة.
- لو كانت الخضار تسبب الانتفاخات والإمساك مع تناول الخضار، فذلك يعني وجود نقص في البكتيريا النافعة المسؤولة عن هضم الألياف، وهذا يعني وجوب تناول البروبيوتك. كما يجب على أي مصاب بالقولون العصبي أن يتناول البروبيوتك، وإن أفضل سلالة في هذه الحالة هي (Lactobacillus).
- في حال وجود ارتجاع وحموضة، في الغالب يكون هناك نقص في حمض المعدة، ويجب التأكد من وجود جرثومة المعدة خاصة في حال وجود أعراضها، للمزيد عن جرثومة المعدة عودوا إلى الحلقة والمقال الخاص بها.
وإن الحل لهذه المشكلة هو تناول خل التفاح لرفع حموضة المعدة في حال عدم وجود قرح.
- لو كان الحليب ومنتجات الألبان تسبب الإمساك والانتفاخات حينها يجب التوقف فورا عن تناولها، لأن هذا يعني وجود عدم تحمل لسكر اللاكتوز، وبرأيي أن على جميع الناس التوقف عن تناول الحليب. كل ذلك أثناء إيقاف جميع الأطعمة التي تسبب تهيج القولون.
- الامتناع عن تناول جميع الأطعمة المحرضة على الالتهاب -وبرأيي على جميع الناس الامتناع عنه- مثل: الوجبات السريعة، والسكر، والجلوتين، والدهون المهدرجة.
- التوقف عن تناول البصل والثوم والملفوف (الكرنب) والقرنبيط والأطعمة التي تتسبب بالتعب لمعظم الناس عموما.
هناك حلقات ومقالات شاملة لعدد كبير من مشاكل الجهاز الهضمي من الممكن الرجوع إليها، من هنا، لحل المشاكل التي تواجهها.
2- بذل الجهد للتخفيف من وطأة التوتر والضغوط النفسية.
هذا الأمر صعب لأن معظم الناس ليس لديهم سيطرة كبيرة عليها.
3- دعم البروبيوتك:
يجب دعم وضبط البروبيوتك في الجسم لتعزيز إنتاج السيروتونين بشكل طبيعي دون تناول مضادات الاكتئاب، لأن استعادة توازن الميكروبيوم سيخلق فارقا في الحالة النفسية والإحساس بالهدوء والاستقرار النفسي.
يفضل الحصول على البروبيوتك من المكملات الغذائية الخاصة بسلالة (Lactobacillus) والبدء بكبسولة واحدة بجرعة 5 مليار قبل النوم مباشرة. سيكون من الطبيعي الشعور بعدم الراحة قليلا عند البدء بتناول البروبيوتك خلال الأسبوع الأول.
في حال عدم القدرة على شراء البروبيوتك سواء لعدم توفره أو لعدم توفر المال الكافي، فمن الممكن الاستعاضة عنه بتناول لبن الكفير، أو مخمر الملفوف، أو الكيمتشي.
قد تكون الأسماء غريبة ولكن مكوناتها بسيطة ومن الممكن صنعها منزليا والاستعانة بالإنترنت للحصول على طريقة صنعها.
4- النباتات التكيفية (Adaptogenic):
تعتبر من أهم الأمور التي تساهم في السيطرة على التوتر وتحسن استجابة الجسم للضغوط. قد تحدثنا عن كثير منها سابقا، مثل الأشواجاندا، والراديولا (الجذر الذهبي). من المفضل تناول المستخلصات من هاتين النبتتين، ولكن إن كان ثمنها يفوق القدرة المادية أو إن لم تكن متوفرة فمن الممكن شراءها من محلات العطارة واستخدامها.
أيضا العرقسوس من أفضل النباتات التي تنظم مستويات الكورتيزول، كما أنه مفيد جدا في حالات التعرض المستمر للتوتر.
5- القيام بتمارين التنفس:
ذلك لأنها أسهل طريقة لإخراج الجسم من حالة القتال أو الهرب، والدخول في حالة الراحة والهضم. فيخرج من الاستجابة للتوتر الذي يؤثر على حركة الأمعاء التي شرحناها في البداية، ليعود إلى حالته الطبيعية. وهي طريقة سهلة وغير مكلفة، بإمكان أي شخص القيام بها في أي وقت وفي أي مكان.
يكون ذلك من خلال الاستلقاء في وضع أفقي مستوي تماما، ليس فيه رفع للرأس أو الأرجل، ووضع يد على الصدر، واليد الأخرى على البطن مع إغماض العينين وأخذ نفس عميق جدا بطء وهدوء، مع تكرار العملية لمدة خمسة دقائق.
يفضل فعلها مرة في اليوم، وأن تصبح جزءا من الروتين اليومي، بالإضافة إلى فعلها عند المرور بموقف يسبب الضغط نفسي أو التوتر أو حدوث أمر خلق شعورا بالعصبية أو الخوف أو القلق. أما في حال عدم وجود مكان للاستلقاء بشكل أفقي مع الحاجة للقيام بالتمرين فيجب فعله أثناء الجلوس أو الوقوف.
إن تكرار التمرين بشكل يومي سيقلل كثيرا من سيطرة الجهاز العصبي الإرادي أو الودي على الجسم.
6- تغيير الأفكار عن الذات وعن مشكلة القولون لأنها من أهم أسباب وجود المشكلة.
تخيل لو كنت تقول لنفسك كل يوم أنك تعاني من القولون العصبي وأنك لن تتعافى طوال عمرك، وأنك لن تستطيع تناول طعاما عاديا دون الإحساس بالتعب، وأنك ستعاني من الإمساك أو الإسهال طوال حياتك. إنك عصبي وحساس، وتتوتر بسهولة وهذا سبب جميع مشاكلك، فإن هذه الأفكار ستجعلك تكتئب، وتتعب نفسيا، وأن تكون دائما في حالة توتر دون حدوث شيء يجعلك تتوتر.
- لذا عليك مراقبة أفكارك، وعندما تبدأ بمراودتك فعليك ألا تتركها تتكرر وتعيد نفسها داخل دماغك دون رقابة، فحين تجد نفسك تفكر بها عليك قولها بصوت عال، هنا فقط باستطاعتك إيقافها، لأنك ستنقلها من حالة اللاوعي إلى حالة الوعي. هنا سيكون لديك السيطرة والقدرة على إيقافها.
- من الممكن كتابتها والبدء بمناقشتها مع نفسك وكتابة حلول والبدء بتنفيذها لحل المشكلة.
- كل هذه طرقا لإخراج المشكلة من اللاوعي إلى الوعي، لأنه إذا لم يصدق عقلك بأنك ستتعافى فلن تتعافى.
- الاهتمام بجميع الأمور التي تجعل الحالة النفسية أفضل؛ من النوم الجيد، والخروج في الشمس، والأماكن المفتوحة، والقيام بالتمارين الرياضية، والتواصل مع الأشخاص الذين نحبهم ونحصل منهم على الطاقة الإيجابية. كلها أمور ستساعد على تخطي المشكلة والتعافي من متلازمة القولون العصبي بشكل نهائي.
في حال الحاجة لمعلومات أكثر عن أفضل العادات الصحية التي ستحافظ على صحة الجهاز الهضمي عن طريق تغييرات بسيطة في طريقة تناول الطعام وعلاقتنا به، ستجدون مقالا عن 12 نصيحة من الأيورفيدا لعلاج جميع مشاكل الأمعاء، لقراءته من هنا.
لشراء المكملات المقترحة في هذا المقال من خارج مصر:
مستخلص جذور العرقسوس منزوع الجليسرين DGL
خل تفاح عضوي يحتوي على أم الخل
مستخلص جذور الروديولا (super-rhodiola)
مستخلص جذور الروديولا من شركة ناو فودز
ومن داخل مصر: